الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم تزويج الولي الأبعد للمرأة مع وجود الأقرب

السؤال

رجل عقد على امرأة بدون علم أهلها إلا أخوها الصغير.... ما حكم ذلك.... وهل يعتبر أخوها الصغير هو الولي علما بأن لديها أخوين أكبر منها سنا ولم يعلما ولا والداها؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإذا كان والدها وإخوانها قد منعوها من الزواج بهذا الرجل وهو ممن يُرضى دينه وخلقه، وليس لديهم عذر شرعي من هذا المنع ككون الرجل لا يستطيع الإنفاق عليها، سقطت ولا يتهم وانتقلت إلى من يليهم من الأولياء، فإذا كان هذا الأخ الصغير مسلماً بالغاً عاقلاً، صحت ولايته لتوافر شروط الولاية فيه، وصح النكاح تبعاً لذلك إذا توافرت باقي شروط صحته، وصحة النكاح في هذه الحالة مذهب الحنابلة والمفتى به عند الحنفية، جاء في الفتاوى الهندية: وأجمعوا أن الأقرب إذا عضل تنتقل الولاية للأبعد. وقال ابن قدامة في المغني: إذا عضلها وليها الأقرب انتقلت الولاية إلى الأبعد، نص عليه أحمد، وعنه رواية أخرى تنتقل إلى السلطان، وهو اختيار أبي بكر وذكر ذلك عن عثمان بن عفان رضي الله عنه، وشريح وبه قال الشافعي لقول النبي صلى الله عليه وسلم: فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له. ، ولأن ذلك حق عليه امتنع من أدائه، فقام الحاكم مقامه، كما لو كان عليه دين فامتنع من قضائه، ولنا أنه تعذر التزويج من جهة الأقرب فملكه الأبعد، كما لو جُنَّ، ولأنه يفسق بالعضل، فتنتقل الولاية عنه كشرب الخمر، فإن عضل الأولياء كلهم زوج الحاكم، والحديث حجة لنا، لقوله: والسلطان ولي من لا ولي له. ، وهذه لها ولي، ويمكن حمله على ما إذا عضل الكل لأن قوله (فإن اشتجروا) ضمير جمع يتناول الكل. والولاية تخالف الدين من وجوه ثلاثة: أحدهما: أنها حق للولي والدين حق عليه، الثاني: أن الدين لا ينتقل عنه، والولاية تنتقل لعارض، من جنون الولي أو فسقه أو موته، الثالث: أن الدين لا يعتبر في بقائه العدالة، والولاية يعتبر لها ذلك، وقد زالت العدالة بما ذكرنا، فإن قيل: فلو زالت ولايته لما صح منه التزويج إذا أجاب إليه، قلنا فسقه بامتناعه، فإذا أجاب فقد نزع عن المعصية وراجع الحق فزال فسقه فلذلك صح تزويجه والله أعلم. وإن فات شرط من شروط الولاية، لم يصح النكاح لعدم وجود الولي الذي هو شرط من شروط صحة النكاح، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا نكاح إلا بولي. رواه أبو داود والترمذي. وإذا كان والدها وأخواها لم يمنعوها من الزواج بمن يُرضى دينه وخلقه أو منعوها لعذر شرعي فهذا النكاح باطل، ولو توافرت شروط الولاية في الأخ الأصغر، لعدم صحة إنكاح الولي الأبعد مع وجود الولي الأقرب، وعدم عضله أو غيبته على الراجح من أقوال أهل العلم، وراجع للفائدة الفتوى رقم: 19129، والفتوى رقم: 1766، والفتوى رقم: 3804. والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني