الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التنازل قبل البرء للجاني عن الأرش مقابل عوض

السؤال

حصل لي حادث في المملكة السعودية، وقد كسرت ركبتي، وأجريت لها عملية، وأصبت أيضًا إصابات متعددة في الوجه؛ أدّت لخياطته، وأنا الآن لا أستطيع الحركة لأكثر من شهر، وقد تم تقدير الخطأ بنسبة ١٠٠ ٪ على الطرف الآخر السعودي، ويريد مني التنازل عن المحضر، والتراضي، وأعلم أن المحكمة ستقضي لي بجزء من الديه؛ فأريد أن أعرف مقدارها، وإذا تراضينا، وتم التنازل عن المحضر، فهل من الحلال أن آخذ منه هذا المبلغ من المال كتعويض؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فأما مقدار الدية، فإلى المحكمة المعروضة القضية أمامها، فلا داعي لخوضنا فيها.

وأما سؤالك عن حكم تنازلك للجاني عن أرش تلك الجناية، مقابل عوض يدفعه لك، فيعتبر صلحًا، والصلح جائز من حيث الإجمال، جاء في الفتاوى الهندية: الْبَابُ الثَّانِيَ عَشَرَ فِي الصُّلْحِ عَنْ الدِّمَاءِ، وَالْجِرَاحَاتِ: يَجُوزُ الصُّلْحُ عَنْ جِنَايَةِ الْعَمْدِ، وَالْخَطَأِ فِي النَّفْسِ، وَمَا دُونَهَا. اهـ.

وفي بدائع الصنائع: فجملة الكلام فيه: أن الجرح لا يخلو إما أن يكون عمدًا أو خطأ، فإن كان عمدًا، فالمجروح لا يخلو إما أن يقول: عفوت عن القطع، أو الجراحة، أو الشجة، أو الضربة، وهذا كله قسم واحد... فإن برئ من ذلك، صح العفو في الفصول كلها؛ لأن العفو وقع عن ثابت، وهو الجراحة، أو موجبها، وهو الأرش فيصح. اهـ.

هذا من حيث الإجمال، لكن للعلماء تفصيلًا في مسألة الصلح قبل البرء، وما يترتب عليه لو سرت الجناية وتضاعفت، وكذلك الصلح فيما لم يعلم ما يجب بسببه؛ لأنهم ينزلونه منزلة البيع، وهكذا، ولا يمكن التفصيل في ذلك هنا.

وقد ذكرت في السؤال أن أثر الجناية لا يزال باقيًا.

وعليه؛ فلتشافه أهل العلم بالمسألة حيث أنت، ولا تكتفي بالسؤال عنها عن بُعد.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني