الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تفسير قوله تعالى: قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئا

السؤال

قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئا.. الآية ـ فكأن المعنى: حرم عليكم التوحيد وأمركم بالإشراك؟ فما معنى حرَّم هنا؟.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد اختلف العلماء في تفسير الآية مع اتفاقهم على أن ما يوهمه ظاهرها من أن الإحسان بالوالدين وعدم الشرك حرام غير مراد ـ كما هو ضروري، ـ قال في زاد المسير عند تفسير الآية: ما بمعنى الذي، وفي: لا ـ قولان:

أحدهما: أنها زائدة كقوله: أن لا تسجد.

والثاني: أنها ليست زائدة، وإنما هي نافية، فعلى هذا القول في تقدير الكلام ثلاثة أقوال:

أحدها: أن يكون قوله: أن لا تشركوا ـ محمولا على المعنى، فتقديره: أتل عليكم أن لا تشركوا: أي أتل تحريم الشرك.

والثاني: أن يكون المعنى أوصيكم أن لا تشركوا، لأن قوله: وبالوالدين إحسانا ـ محمول على معنى أوصيكم بالوالدين إحسانا، ذكرهما الزجاج.

والثالث: أن الكلام تم عند قوله: حرم ربكم ـ ثم في قوله: عليكم ـ قولان:

أحدهما: أنها إغراء، كقوله: عليكم أنفسكم ـ فالتقدير عليكم أن لا تشركوا، ذكره ابن الانباري.

والثاني: أن يكون بمعنى فرض عليكم ووجب عليكم أن لا تشركوا...

وقال الشنقيطي في كتابه: دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب ـ بعد أن ذكر أن في الآية أقوالا كثيرة وبحوثا عديدة: وأقرب تلك الوجوه عندنا هو ما دل عليه القرآن، لأن خير ما يفسر به القرآن القرآن, وذلك هو أن قوله تعالى: أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ ـ مضمن معنى ما وصاكم ربكم تركا وفعلا, وإنما قلنا إن القرآن دل على هذا، لأن الله رفع هذا الإشكال وبين مراده بقوله: ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ـ فيكون المعنى: وصاكم ألا تشركوا، ونظيره من كلام العرب قول الراجز: حج وأوصى بسليمى إلا عبدا أن لا ترى ولا تكلم أحدا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني