الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من الأمور التي لا بد أن يراعيها الإمام

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عندنا في بلدتنا إمام مبتدع يقوم بما يلي:
لا يسوي الصفوف قبل الصلاة، يلفظ بنيته جهراً حيث يقول مثلا "صلاة المغرب حاضرة" ثم يكبر تكبيرة الإحرام، لا يقوم بسكتة دعاء الاستفتاح، يسرع في القراءة ولا يجود القرآن، يسرع في الرفع من الركوع حيث بمجرد أن نرفع نحن من الركوع نجده قد هوى للسجود، بعد الصلاة يقوم بأذكار جماعية حيث أن كل صلاة بأذكارها الخاصة؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإن الابتداع في الدين لا خير فيه، فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحذر في خطبه وأحاديثه من البدع والمحدثات، ففي صحيح مسلم وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة. وأما تسوية الصفوف فإنها من تمام الصلاة وسننها بل ذهب بعض أهل العلم إلى وجوبها، ففي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: سووا صفوفكم فإن تسوية الصفوف من تمام الصلاة. وفي الصحيحين مرفوعاً: عباد الله لتسونّ صفوفكم أو ليخالفنّ الله بين وجوهكم. وأما التلفظ بالنية فليس من هدي النبي صلى الله عليه وسلم، ولهذا كرهه أهل العلم ونهوا عنه، لأن النية محلها القلب والتلفظ بها من الغلو المنهي عنه. وأما دعاء الاستفتاح فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين وغيرهما، واستحبه جمهور أهل العلم. وأما الإسراع في القراءة فإن كان بالهذرمة التي ينتج عنها الإخلال بالمدود أو عدم إخراج الحروف من مخارجها وتغيير صفاتها، فإنه لا يجوز، وإن وقع شيء من ذلك في الفاتحة فإن الصلاة تبطل، فلا بد من تجويد القرآن وخاصة الفاتحة، فقد أمر الله -عز وجل- بترتيل القرآن الكريم، فقال تعالى: وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً [المزمل:4]. وترتيل القرآن تجويد حروفه، والوقوف عند أماكن وقوفه، فهذا مما يعين على تدبر المعنى وزيادة الخشوع، ولهذا قال العلماء: الأخذ بالتجويد حتم لازم... وأما إذا كانت السرعة حدراً لا تخل بالحروف ومخارجها وأحكام التجويد فيها فإن ذلك جائز، وإن كان الأفضل الترتيل، فقد جاء في الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله. وأما السرعة المخلة في الصلاة فإنها لا تجوز، فلا بد من الطمأنينة عند كل ركن من الركوع والسجود والرفع منهما..... وبدون الطمأنينة تبطل الصلاة، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لذلك الرجل المسيء صلاته: ارجع فصل فإنك لم تصل، ثم قال له: إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء، ثم استقبل القبلة فكبر، ثم اقرأ بما تيسر لك من القرآن، ثم اركع حتى تطمئن راكعاً، ثم ارفع حتى تستوي قائماً.... الحديث في الصحيحين. وأما الأذكار الجماعية فلم تكن من هدي النبي صلى الله عليه وسلم، بل هي من البدع المحدثة التي يجب على المسلم الحذر منها، وأن يقتصر على الأذكار الواردة في السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم. وبناء على ما مضى فإن عليكم أن تنصحوا هذا الإمام بهدوء ورفق ولين وحكمة.... وتبينوا له سنة النبي صلى الله عليه وسلم في الأمور المذكورة ويكون البيان مصحوباً بالأدلة الصحيحة. فقد يوفقكم الله تعالى ويصلح أمره على أيديكم فيهتدي بهدي النبي صلى الله عليه وسلم فتنالوا بذلك الخير الكثير والثواب الجزيل عند الله تعالى. والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني