الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كشف المرأة لزينتها أمام الرجال الأجانب لا يجوز

السؤال

أنا طالبة أدرس في إحدى كليات جامعة قطر، وأنا وكثير من زميلاتي نرى كثيرا من الأمور التي نود معرفة حكم الشرع فيها ، فمن ذلك أن إحدى الطالبات تأتي إلى الجامعة وهي بحجابها الكامل ، فإذا دخلت قاعة المحاضرات نزعت حجابها وكشفت عن شعرها مع كونها متزينة على وجهها وثيابها ، وليس هذا مع زميلاتها فقط أو مع المدرسات ، بل وحتى أمام الأساتذة الرجال تظل كاشفة لشعرها بثيابها المتبرجة طيلة المحاضرة وأمام الأستاذ . والسؤال : هل هذا يجوز أم لا ؟ وهل على الأستاذ إثم لأنه لم يطلب منها أن تتحجب؟ وما هو واجبنا نحن الطالبات ؟ علما أننا والله نتضايق من ذلك كثيرا ولكن لا ندري ما ذا نفعل . وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه وسلم أما بعد:
فمن المعلوم أن الله ـ جل وعلا ـ قد فرض على نساء المؤمنين الأخذ بالستر والعفاف، وأمرهن جل وعلا بالتصون والتستر والأخذ بمكارم الأخلاق ومحاسنها. ثم إنه جل وعلا قد شرع لهن ما ييسر لهن هذه المقاصد الجليلة ليتم لهن المطلوب على وجه الكمال والتمام . فشرع جل وعلا لهن فريضة الحجاب ، وتولى جل شأنه النص عليها في محكم كتابه فقال: (يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفوراً رحيماً).[الأحزاب :59]. ولا ريب أن في الأخذ بهذه الشعيرة المباركة (شعيرة الحجاب ) ما يكفل للمجتمع الإسلامي الصيانة والعفاف وانتشار الفضائل والآداب، وأن في التفريط في أمر الحجاب والتهاون فيه ما يفضي إلى انتشار الفساد وشيوع الرذيلة والمنكرات ـ والعياذ بالله تعالىـ . وهذا معلوم وبيِّن لمن له أدنى معرفة واطلاع، كما هو مشاهد في كثير من الأمصار ـ ولا حول ولا قوة إلا بالله ـ. وما أشارت إليه الأخت السائلة، من قيام بعض الطالبات بإظهار التبرج المحرم أمام الأساتذة الذكور، بل ومن كشف البعض منهن لشعورهن أمامهن، لا ريب أن هذا العمل من أعظم المحرمات، بل هو هَتكُ للستر الذي أمر الله به ، مضموما إليه ما في ذلك الأمر من المجاهرة بالفسق والخروج عن أمر الشرع المطهر، والدعوة العملية إلى هذا التصرف المشين. والواجب على هؤلاء الطالبات ـ هداهن الله ـ التوبة إلى الله جل وعلا ، والمسارعة إلى الندم والالتزام بأوامر الله القاضية بالستر والحشمة، والحجاب والصيانة. والواجب على الأخت السائلة، ومثيلاتها ممن يرين هذا العصيان الظاهر، الإنكار عليهن بحسب الاستطاعة،وتوجيههن إلى الالتزام بالحجاب الشرعي، وبيان حكم الشرع في ذلك لقوله صلى الله عليه وسلم " من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان" أخرجه مسلم في صحيحه. وكذلك القول في الأساتذة الذين يشاهدون هذا الأمر الواجب عليهم توجيه هؤلاء الطالبات، وأمرهَُّن بالحجاب وعدم التساهل في ذلك، بل إن دور هؤلاء الأساتذة أعظم وأوجب لأنهم في مقام القدوة والتوجيه، وقد حمّلهم الله جل شأنه هذه الأمانة فعليهم أن يؤدوها على وجهها، لا سيما وهم في مقام الراعي لرعيته، وقد خرج الإمام البخاري في صحيحه من حديث أبي هريرة مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم : . " ما من راعٍ يَستَرعيه الله رعيةً ، يموتُ يوم يموت وهو غاشٌّ لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة" نسأل الله تعالى أن يوفق أخواتنا الطالبات وجميع المسلمين والمسلمات كما نسأله جل وعلا أن يجزي هذه الأخت السائلة وأمثالها من الطالبات على هذه الغيرة الطيبة على أخواتهن، التي هي بحمد الله غيرة على حرمات الله ومحارمه أن تنتهك. وفق الله الجميع للخير والرشاد. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني