الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الفقر ليس عيبا يستحى منه

السؤال

هل ممكن أن أقول بأني شخص فقير مثلا لآخر غني يفتخر بكل الممتلكات وأنا لا أملك شيئاً؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فلا حرج في ذلك، فليس الفقر عيباً حتى يستحي صاحبه من إظهاره، وقد رد الله تعالى على من اعتقد أن الغنى إكرام من الله وأن الفقر إهانة بقوله: فَأَمَّا الْأِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ* وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ* كَلاَّ... [الفجر:15-16]. قال الإمام القرطبي: كلا رد، أي ليس الأمر كما يظن، فليس الغني لفضله ولا الفقر لهوانه. فأخبر سبحانه أن الإكرام والإهانة لا تدور على المال وسعة الرزق، فإن الله سبحانه قد يوسع الرزق ويبسط النعم للإنسان لا لكرامته، ويضيق عليه لا لإهانته، بل للاختبار والامتحان، ولهذا روى البخاري عن سهل قال: مر رجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ما تقولون في هذا، قالوا: حري إن خطب أن ينكح، وإن شفع أن يشفع، وإن قال أن يستمع، قال ثم سكت، فمر رجل من فقراء المسلمين، فقال: ما تقولون في هذا، قالوا: حري إن خطب أن لا ينكح، وإن شفع أن لا يشفع، وإن قال أن لا يستمع، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هذا خير من ملء الأرض مثل هذا. وينبغي للفقير أن يكون متعففاً قنوعاً غير متطلع إلى ما في أيدي الناس، كما قال الله تعالى: وَلا تَمُدَّنَ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى [طـه:131]. وفي صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: قد أفلح من أسلم ورزق كفافاً وقنعه الله بما أتاه. وفي مسند أحمد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إني لأعلم أول ثلاثة يدخلون الجنة، فذكر منهم وفقير عفيف متعفف. زاد في رواية: ذو عيال. ونسأل الله أن يغنيك من فضله وأن يوسع رزقك إنه ولي ذلك والقادر عليه. والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني