الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

سؤال المرأة الطلاق.. الأحكام المترتبة

السؤال

قبل أربعة أعوام خطبت بنتا من أصل سوري، ونتيجةً للوضع السياسي في سورية، ولعدم رغبتي بأن تعاني هي وأهلها كنت أساعدهم بما أستطيع في استئجار منزل لهم في الأردن، وشراء العفش، ودفع الإيجار، بالإضافة للنقود التي كنت أرسلها لخطيبتي كمصروف لها.
بعد ذلك تزوجنا، وتركت عملي مباشرةً بعد حفل الزفاف. ومنذ ذلك الوقت لم تتيسر أموري في عمل، وتدهورت أوضاعي المادية.
ومنذ ذلك الوقت وأنا أستعين بالدين من أجل مواجهة تكاليف الحياة، والحمد لله دائماً كان الله سبحانه وتعالى ييسر لي من يساعدني ويقرضني، وخلال ثلاث سنوات متواصلة لم ينقص على زوجتي شيء من متطلبات الحياة.
العام الماضي كان هناك أمر ورثة بيني وبين إخواني، والحمد لله وبتوفيق من الله قمنا بتقسيم الورثة بالتراضي بين الإخوان؛ وفقاً للشرع والتوزيع وفقاً للرغبة الباطنية للوالد رحمه الله، وقمنا أيضاً بالتنازل عن جزء بسيط جداً لاعتبارات خاصة لأحد إخواني؛ علماً بأن حصتي كوارث من هذا الجزء لا تصل إلى أربعة آلاف دينار. وعلماً أني ساعدتها وساعدت أهلها بمثل هذا المبلغ أو أكثر، كما أنه في فترة العرس قدمت أكثر بكثير مما هو متفق عليه بالمهر، وبما يتجاوز القيمة المذكورة سابقاً.
للأسف قامت زوجتي بعمل مشكلة بسبب التنازل لأخي عن حصتي بهذا الجزء، وخرجت من المنزل بدون موافقتي، وذهبت إلى أهلها؛ علماً بأني أخبرتها صراحةً بعدم موافقتي على خروجها، وأصرت؛ كما أني أخبرت أهلها بذلك، ولكن للأسف أصروا على خروجها، ومضى الآن سنة وشهران على خروجها.
منذ ذلك الوقت حقيقةً لم أكلمها بسبب انزعاجي من موقفها؛ بالإضافة إلى أنها كانت قد قامت ببعض الأمور التي أزعجتني جداً قبل خروجها.
الآن زوجتي تطلب الطلاق، وأنا حقيقةً لا أرغب في الطلاق، وأيضاً هددتني بالخلع.
أسئلتي كالتالي:
1- حكم الشرع في هذه الحالة، وما يجب علي فعله؟
2- هل يجوز لها طلب الطلاق مني بسبب تدهور الأوضاع المالية؛ علماً أنه لم ينقصها في أي يوم شيئا؟
3- ما حكم الشرع على المرأة بهذا التصرف؟
4- إذا وصلت الأمور إلى الخلع ماذا يحق لي شرعا المطالبة به؛ علماً بأني لا أشعر بالرغبة في المسامحة بأي شيء حتى لو كان شيئا يستحق لي من نفقاتي عليها كزوجة؛ علماً بأني كنت أقدم أشياء أكثر من نفقتها، وفوق طاقتي بدون طلب منها، ولكن كان بنية تعويضها عن الأزمة المالية التي عانيتها مباشرة بعد الزواج؟
5- ما حكم الشرع وماذا يجب أن أفعل بحالة عدم تمكنها من الدفع ما يحق لي من أجل الخلع؛ علماً بأني لا أريد أن أسامح بأي شيء من حقي في حالة إصرارها على الخلع؟
6- الحكم الشرعي في حالة حصولها على أمر طلاق من بلد أجنبي حيث تقيم الآن مع أهلها.
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فتنازلك عن بعض ميراثك لأخيك، عمل صالح تؤجر عليه -إن شاء الله- ويرجى أن يكون سبباً في البركة في العمر والرزق، ولا يحقّ لزوجتك الاعتراض عليه، وما دمت تنفق عليها بالمعروف، فلا حقّ لها في الخروج من بيتك دون إذنك، وخروجها على هذا الوجه نشوز تأثم به، وتسقط بها نفقتها، وسؤالها الطلاق لمثل هذا السبب سؤال بغير حق، يخشى أن يعرضها للوعيد المذكور في قول النبي -صلى الله عليه وسلم- : أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا الطَّلَاقَ مِنْ غَيْرِ مَا بَأْسٍ فَحَرَامٌ عَلَيْهَا رَائِحَةُ الْجَنَّةِ. رواه أحمد.
وعليه؛ فما دامت تسأل الطلاق بغير حق، فلك أن تمتنع من طلاقها حتى تخالعك على مال حسب ما تتفقان عليه، لكن الأولى ألا تأخذ منها زيادة على مهرها، قال ابن قدامة الحنبلي -رحمه الله- في المقنع: ولا يستحب أن يأخذ منها أكثر مما أعطاها، فإن فعل كره وصح. وانظر الفتوى رقم : 73322.
وإذا خالعتك على مال، ولم تقدر على دفعه لك، فهو دين في ذمتها يجب عليها أداؤه لك متى قدرت على أدائه.
وإذا لجأت المرأة للمحاكم الوضعية في البلاد الأجنبية فحكمت بطلاقها، فهذا الحكم غير معتبر شرعاً، فقد جاء في بيان لمجمع فقهاء الشريعة بأمريكا: المحور السابع: مدى الاعتداد بالطلاق المدني الذي تجريه المحاكم خارج ديار الإسلام: بين القرار أنه إذا طلق الرجل زوجته طلاقا شرعيا فلا حرج في توثيقه أمام المحاكم الوضعية، أما إذا تنازع الزوجان حول الطلاق، فإن المراكز الإسلامية تقوم مقام القضاء الشرعي عند انعدامه بعد استيفاء الإجراءات القانونية اللازمة، وأن اللجوء إلى القضاء الوضعي لإنهاء الزواج من الناحية القانونية لا يترتب عليه وحده إنهاء الزواج من الناحية الشرعية، فإذا حصلت المرأة على الطلاق المدني، فإنها تتوجه به إلى المراكز الإسلامية، وذلك على يد المؤهلين في هذه القضايا من أهل العلم لإتمام الأمر من الناحية الشرعية، ولا وجه للاحتجاج بالضرورة في هذه الحالة لتوافر المراكز الإسلامية، وسهولة الرجوع إليها في مختلف المناطق. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني