الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

فسخ الخطبة إن كان هناك ما يبرره

السؤال

قبل سنتين خطبت امرأة قريبة لي، وقبل الخطبة اتصلت على خالتي؛ لتتصل على أخت البنت، فقالت لها: أنت تعرفين أن أختي عنيدة، فقالت لي خالتي: لا، إن شاء الله أعذرها؛ لأنها عاشت من غير أمها، وهي الآن عمرها 20 سنة، وأمها توفيت منذ كانت طفلة، فخطبتها، والخطأ أننا تواصلنا بالكتابة، والمكالمات، وللأسف يوجد اختلاف دائمًا بنسبة 60% ، وهي متفوقة في دراستها، وتدرس في الجامعة الآن، لكن بسبب هذا الاختلاف أخاف أن لا نعيش حياة سعيدة، أو أن يكون حلنا الطلاق بعد ذلك، لكن ضميري يؤنبني أن أتخلى عنها بعد سنتين من الخطبة.
والآن كل ما فكرت في الموضوع أتضايق جدًّا، وكرهت موضوع هذا الزواج من كل قلبي، ولا أريد أن أواصل في هذا الموضوع، وأتمنى أن يرزقها الله بابن الحلال، ولكن سؤالي: لا أخاف من أقوال الناس، لكني أخاف من ربي أن آخذ بنت ناس لمدة سنتين، وتأمل أن نتزوج، وتقدم لها خطيب، ثم أتركها، وضميري يؤنبني جدّا أن أتخلى عنها، ولكن إذا لم أتخل عنها، فسيكون هناك اختلاف ونقاش، وغضب، وكرهت هذا الشيء لمدة سنتين، ولا أحب حياة بهذا الشكل أبدًا، ولا أريد أن أكمل الموضوع، وأظن أن هذا قراري بأن لا أواصل حتى أكون سعيدًا قليلًا، وأظن أنه تقدم لها خطيب في هذه الفترة، وهي لا بأس بها، ولا أخاف عليها من العنوسة، فهي جميلة، ومتفوقة، مع العلم أني في دولة، وهي في دولة أخرى.
مرة من المرات بالليل كنت أفكر في أني ظلمتها في هذه الحالة، وكنت مشغلًا للقرآن الكريم في نفس اللحظة، وبدأت أفكر فجاءت الآية: والظالمين لهم إلى نهاية الآية، ولا أعرف كيف حدث ذلك. أتمنى أن يكون الرد في أقرب وقت -جزاكم الله خيرًا-.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالخطبة ليست بالأمر اللازم، بل من حق أي من الطرفين فسخها متى شاء، وخاصة إن كان للفسخ داع، ويكره الفسخ لغير حاجة؛ لما في ذلك من إخلاف الوعد، جاء في فتاوى الأزهر: الوعد بالزواج لا يلزم الوفاء به، وبخاصة إذا ظهر ما يبرره، وفترة الخطبة فترة اختبار وامتحان واستطلاع، لا تترتب عليها حقوق، ويجوز لكل من الطرفين أن يعدل عن الوعد، على الرغم من قراءة الفاتحة، فالفاتحة ليست عقدًا، ولكن قراءتها من باب التبرك بها.

ومهما يكن من شيء، فإن الوفاء بالوعد -كما قال ابن حجر الهيتمي في كتابه "الزواجر" الجزء الأول ص 109- مندوب عند الشافعية، وليس بواجب، ومخالفة المندوب جائزة ليست محرمة، ولا عقوبة عليها، والنصوص الواردة بالأمر بالوفاء هي في العهود والعقود... اهـ.

فلو أنك فسخت خطبة هذه الفتاة لم تكن ظالمًا لها، ومن أهم مقاصد الزواج ديمومته، فإذا غلب على ظنك عدم تحقق ذلك، ففسخ الخطبة أهون من أن يتم الزواج، ثم يكون بعده الطلاق.

وما سمعت من الآية الكريمة، قد يكون حدث اتفاقًا، ولا علاقة له بما تفكر فيه من أمر فسخ الخطبة.

نسأل الله عز وجل أن ييسر لك الزوجة الصالحة التي تسعد معها، وييسر لها الزوج الصالح الذي تسعد معه، إنه سبحانه نعم المدعو، ونعم المجيب.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني