الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

خلط الفحم الجيد بالرديء وبيعهما مع بيان حالهما للمشتري

السؤال

دفعت لشخص مبلغًا لشراء فحم وبيعه، على أنه من نوعية مرغوبة في السوق بحسب قوله؛ لأنها صنعته، ولا علم لي بالتجارة، لكن البضاعة كسدت، وتبين أنها غير مرغوبة في السوق؛ لذا قام الشخص بخلطه بنوعية أخرى كي تباع، وكسدت أيضًا، علمًا أني أرى هذا الشخص من أهل الخير، وقد اعتذر عما حصل، وقد قيل لي: إنها إذا بيعت مخلوطة مع البيان، فلا حرج في ذلك، لكن قلبي غير مطمئن، ودخلته الشبهة، وأشعر أن ذلك غش، وأنا حائر الآن، ولا أدري ماذا أفعل، علمًا أن المبلغ الذي دفعته ليس بالقليل لكي أتنازل عنه؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فهذه المعاملة بينك وبين الرجل، مضاربة، يشترط فيها أن يكون لك نسبة معلومة من الربح، كالنصف، والثلث، والربع، ونحوه، وتكون الخسارة كلها عليك، وليس على العامل منها شيء، وانظر شروط صحة المضاربة وأحكامها في الفتوى رقم: 206356.

أمّا خلط الفحم الجيد بالرديء، وبيعهما مع بيان حالهما للمشتري، فهذا جائز لا حرج فيه، وليس من الغش المحرم، قال ابن علان -رحمه الله-: المراد بالغش هنا، كتم عيب المبيع أو الثمن، والمراد بعيبه هنا: كل وصف يعلم من حال آخذه، أنه لو اطلع عليه لم يأخذه بذلك الثمن، الذي يريد بدله فيه.

وإنما يجوز ذلك إذا علم المشتري قدر الجيد والرديء، وصفتهما، بحيث يكون المشتري على بينة، فقد جاء في شرح مختصر خليل للخرشي: لا يجوز خلط الجيد بالرديء، وللمشتري الرد، إلا أن يبين مقدار الجيد من الرديء، وصفتهما قبل الخلط. اهـ.

مع التنبيه إلى أنّه لا يجوز بيع هذا الخليط لمن يغش به غيره، قال ابن رشد: وإنما يجوز له أن يبيعه على هذا البيان التام، ممن يعلم أنه لا يغش به، أو ممن لا يدري ما يصنع به، ويكره له أن يبيعه ممن يخشى أن يغش به، ولا يجوز له أن يبيعه ممن يعلم أنه يغش به.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني