الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

وجوب وفضل تعليم الناس أمور دينهم

السؤال

بدأت طلب العلم الشرعي منذ عام تقريبا، وأحد الأسباب التي جعلتني أكمل، هي أني أرى أخطاء في الصلاة عند الناس، وأخطاء في العقيدة، وأخطاء في التفكير، وأخطاء في حياتنا، وانتشار الأحاديث الضعيفة، أو الموضوعة، وعدم التمييز بين الصحيح والسقيم، وخوفي عليهم من النار. ولكن مع تقدمي مرحلة، اكتشفت أن الإنسان معذور بجهله -قرأته من ابن عثيمين حتى لو عبد الأصنام، فلا يكفر كشخص، ولكن نقول عن الفعل كفر- حتى لو عبد الأصنام، فأصبحت كل ما أرى أي شيء، أقول عادي، هو معذور مهما فعل، وحتى لو كفر؛ لأن الحجة لم تقم عليه، وأصبحت لا أرى أي فائدة من دعوة الناس.
وما حكم مقولة: لا عذر بالجهل في بلاد المسلمين. وهل تعارض مقولة: الإنسان معذور بجهله؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فههنا أمور: أولا: ليس العذر بالجهل على إطلاقه، بل إنما يعذر بالجهل في المسائل التي لم ينتشر علمها في الناس، أما ما انتشر علمه بين الناس، واستوى فيه العام والخاص، وهي ما يعرف بالمعلوم من الدين بالضرورة، فلا عذر بجهله لمن عاش في بلاد المسلمين. وبه تعلم انتفاء التعارض بين ما ذكرت، فمعنى أنه لا عذر بالجهل في بلاد المسلمين، هو في المسائل الظاهرة التي استوى المسلمون في علمها؛ كحرمة الزنا، ووجوب الصلاة، وأما ما ليس كذلك، فيعذر فيه بالجهل حتى في بلاد المسلمين، وراجع للفائدة، الفتوى رقم: 195345.

ثانيا: ليس جهل الناس بأحكام الشرع، عذرا للمتعلمين في ترك تعليمهم، بل قد أخذ الله الميثاق على الذين أوتوا الكتاب ليبيننه للناس ولا يكتمونه، فلو فرضنا أن ثم مسألة كان مرتكبها معذورا بجهله، وعلمتها أنت، فلست أنت معذورا في ترك تعليمه والبيان له، قال الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ {البقرة:159}. فتركك البيان، بزعم أن الناس معذورون بالجهل، فعل منكر، فهم وإن كانوا جهالا، لا يسوغ للعالم تركهم في عمايتهم وجهالتهم، بل يجب عليه البيان، وإلا تعرض للوعيد، فهذا من تلبيس الشيطان عليك بلا شك.

ثالثا: السعي في تعليم الناس، وتبصيرهم بأحكام الشرع، ودعوتهم إلى الله تعالى، وإزالة الجهل عنهم، من أعظم ما يتقرب به إلى الله تعالى، فكيف تفوت على نفسك فضيلة الدعوة إلى الله، ونيل شرف التبليغ عن الله ورسوله بهذه الشبهات الشيطانية؟؟!! قال تعالى: وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ {فصلت:33}. والنصوص في هذا المعنى كثيرة.

وعلى كل؛ فالواجب عليك الاجتهاد في تعلم العلم وتعليمه للناس، وبيان الحق لهم، وإقامة الحجة عليهم بما بعث الله به رسوله صلى الله عليه وسلم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني