الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم صلاة الألثغ ومن اقتدى به عندما قام لقضاء ما فاته

السؤال

أنا ألثغ في حرف الراء، وعلمت أنَّ إمامة الألثغ لا تصحُّ، على قول ابن تيمية ومن وافقه، وهو القول الذي أفتيتم به في موقعكم، وكنت قد أدركت صلاة المغرب مع الإمام في الركعة الأخيرة، فلمَّا فرغ الإمام من الصَّلاة، قمت لإتمام ما فاتني من ركعات، فجاء شخص، فجعلني إمامًا له، فنسيت في البداية أنَّ إمامتي لا تصحُّ، وبدأت بالجهر بالقراءة، فلمَّا تذكَّرت ذلك أثناء قراءتي استكملت الصلاة، وأنا أعلم أنِّني آثمٌ بصنيعي هذا، وكان السَّبب في ذلك أنِّني لم أدرِ ماذا أصنع، فهل علي أن أكمل صلاتي والإسرار بالقراءة بعدما بدأت بالجهر؟ وماذا يفعل من كانوا يصلُّون خلفي إذا تركت الجهر؟ تحيَّرت في الأمر ولم أدرِ ماذا أصنع، وتحرَّجت أيضًا من الإسرار بالقراءة بعد ذلك والصلاة وحدي وترك الإمامة، وشعرت بالذنب الشديد والحزن، فأنا أحرص دومًا أن يكون رضا الله عندي مُقَدَّمٌ على ما سواه، وألَّا يدفعني الحرج من النَّاس على الوقوع في الإثم، وبعد فراغي من صلاتي كإمام ـ وأنا أعلم أنَّها لم تصحّ أصلًا ـ قمت فصلَّيت وحدي بنيَّة المغرب، ودعوت الله بعدها أن يتوب علي، وأن يغفر لي ذنبي وما فعلت، ولا أدري الآن ماذا أفعل؟ فقد أخطأت خطأً عظيمًا بهذا الفعل، وبالنسبة لمن صلُّوا خلفي، هل أتحمَّل ذنب صلاتهم خلف إمامٍ ألثغ، وبطلان صلاتهم على هذا القول؟ وإذا كان الأمر كذلك فكيف أكفِّر عن هذا الذنب؟ وما الذي كان يلزمني في هذا الموضع حين تذكَّرت بعد البدء بالجهر في القراءة أنَّ إمامتي لا تصحّ؟.
وبارك الله فيكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فنقول ابتداء: إن صلاة الألثغ في نفسه صحيحة إذا لم يمكنه التعلم، وصلاة من خلفه لا تصح إلا في حق من هو مثله ـ وهذا هو المفتى به عندنا ـ إذا تبين ذلك فإنه إذا تعذر عليك نطق الراء بطريقة صحيحة، فإن صلاتك صحيحة، وصلاتك الأولى للمغرب صحيحة ولا يبطلها ما ذكرته من أن بعض الناس اقتدوا بك عندما قمت لقضاء ما فاتك، وبطلان صلاة المأموم لا يترتب عليها بطلان صلاة الإمام، قال في كشاف القناع: وَتَبْطُلُ صَلَاةُ مَأْمُومٍ بِبُطْلَانِ صَلَاةِ إمَامِهِ، لِارْتِبَاطِهَا بِهَا لَا عَكْسُهُ ـ أَيْ لَا تَبْطُلُ صَلَاةُ إمَامٍ بِبُطْلَانِ صَلَاةِ مَأْمُومٍ... اهـ.

فحكمُ الصحةِ أو عدمها ينصب على صلاتهم هم وليس صلاتك أنت، فلم يكن يلزمك إعادة صلاة المغرب، وأيضا لا يُجزم ببطلان صلاتهم لا سيما وأن من أهل العلم من يرى صحتها، وربما كان من اقتدى بك مقلدا لهذا القول، جاء في رد المحتار لابن عابدين الحنفي: وفي الظهيرية: وإمامة الألثغ لغيره تجوز، وقيل لا، ونحوه في الخانية عن الفضلي، وظاهره اعتمادهم الصحة، وكذا اعتمدها صاحب الحلية... اهـ.

والخلاصة أن صلاتك صحيحة ولا إثم عليك، وانظر للفائدة الفتوى رقم: 313060.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني