الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الصبر على وفاة الأبناء واحتسابهم من موجبات الجنة .

السؤال

شخص توفي له ولدان في حادث سير (4 و13 سنة) وأصيب آخر إصابات بليغة , هو يسأل هل هذا عقاب من الله له بسبب ذنوب عملها و يطلب منك النصيحة في هذا الموضوع؟ وجزاكم الله عن المسلمين خير الجزاء وشكراً .

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنسأل الله سبحانه وتعالى لهذا الوالد أن يأجره في مصيبته ، و يخلفه خيراً وأن يلهمه الصبر، ويعظم له المثوبة والأجر.
ونبشره بما وعد الله به من ابتلاهم فصبروا في محكم كتابه وعلى لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم .
قال الله تعالى : (ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين* الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون * أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون). [ البقرة: 155-156].
وقال تعالى: (لتبلون في أموالكم وأنفسكم ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذىً كثيراً وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور). [آل عمران: 186].
وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يقول الله تعالى: ما لعبدي المؤمن عندي جزاء إذا قبضت صفيه من أهل الدنيا ثم احتسبه إلا الجنة ".
وورد بخصوص الابتلاء بموت الأبناء أحاديث أخر كثيرة منها ما في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا يموت لأحد من المسلمين ثلاثة من الولد فتمسه النار إلاّ تحلة القسم ". والمراد بتحلة القسم قوله تعالى: ( وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتماً مقضياً * ثم ننجي الذين اتقوا ونذرالظالمين فيها جثياً ). [ مريم :71-72].
وفيهما أيضاً من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه في قصة وعظه صلى الله عليه وسلم للنساء قال لهن فيما يقول : "ما منكن امرأة تقدم ثلاثة من ولدها إلا كان لها حجاباً من النار" ، فقالت امرأة : واثنين ، فقال: "واثنين".
فنوصي هذا الوالد بالاسترجاع والصبر والحمد واحتساب الأجر والمثوبة عند الله تعالى ، وليحذر من الشيطان أن يغريه بالجزع والتسخط على قضاء الله وقدره ، فيفوت عليه الأجر ، فتجتمع عليه المصيبتان - فقدان الأحبة وفوات الأجر.
وليعلم هذا الوالد أن ما أصيب به هو من قضاء الله وقدره الذي لا يرد ، والذي كان مكتوباً في سابق الأزل ، كما قال الله تعالى: ( ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلاّ في كتاب من قبل أن نبرأها). [الحديد: 22].
ونرجو أن يكون ذلك رفعاً لدرجاته عند الله تعالى وتكفيراً لسيئاته ، وفي الصحيحين عن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ما من مسلم يصيبه أذىَ شوكةٍ فما فوقها إلاّ حط الله سيئاته كما تحط الشجرة ورقها" .
وفي صحيح مسلم عن عائشة رضي الله تعالى عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ما من مسلم يشاك شوكة فما فوقها إلاّ كتبت له بها درجة ومحيت عنه بها خطيئة ".
والله أعلم .

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني