الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

العـدل.. مفهومه.. شموليته.. وثمراته

السؤال

السلام عليكم. ما هو مفهوم العدل في الإسلام؟ وهل يجب العدل المادي والمعنوي دائما؟ حتى عند اختلال الأمور، بحيث أحيانا يكون العدل في أمر ما ظلما لبعض الناس"

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإن العدل منحصر في وضع الشيء حيث أمر الله تعالى أن يوضع، لأنه تعالى العليم بما يصلح هذا الكون أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ[الملك:14]. والعدل مقصد إسلامي في كل نواحي الحياة، ومن أمثلة ذلك ما يلي: 1- العدل في الحكم بين الناس: قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ[النساء:58]. وقال تعالى مخاطبًا نبيه داود عليه الصلاة والسلام: يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ[ص:26]. 2- في المعاملة مع الأعداء: قال تعالى: وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى[المائدة:8]. 3- في المعاملة مع النفس في شأن عدم الإضرار بها: فقد ذكر البخاري في الصحيح أن سلمان رضي الله عنه زار أبا الدرداء رضي الله عنه فوجده قد أنهك نفسه بسبب العبادة، فقال له: إن لربك عليك حقًّا، ولنفسك عليك حقًّا، ولأهلك عليك حقًّا، فأعط كل ذي حق حقه. فأتى أبو الدرداء رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له. فقال: صدق سلمان. 4- في المعاملة مع الزوجات في شأن الإنفاق والقسم في المبيت، وثبت الوعيد الشديد في الإخلال بذلك. كما قال صلى الله عليه وسلم: من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وشِقَّه مائل. رواه أبو داود وغيره. 5- في المعاملة مع الأولاد: بعدم تفضيل بعضهم على بعض في العطية وغيرها، لقوله صلى الله عليه وسلم: اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم. رواه البخاري وغيره. وللعدل فوائد جليلة وثمرات وفيرة، منها: · محبة الله تعالى؛ كما قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ[المائدة:42]. · دخول صاحبه في ظل الله تعالى في الآخرة، فقد ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الإمام العادل ضمن السبعة الذين يظلهم الله تعالى في ظله يوم لا ظل إلا ظله، وذلك في الحديث المتفق عليه. · علو المنزلة عند الله تعالى يوم القيامة، فقد روى مسلم في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن المقسطين على منابر من نور عن يمين الرحمنِ عز وجل، وكلتا يديه يمين، الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا. وتكثر ثمرات العدل عندما يقل العمل به ويعم الظلم؛ لأن الطاعة يعظم ثوابها كلما عظمت المشقة، بدليل قوله صلى الله عليه وسلم: إن من ورائكم أيَّام الصبر، المتمسك فيهنَّ يومئذ بمثل ما أنتم عليه له كأجر خمسين منكم. قالوا: يا نبي الله أو منهم؟ قال: بل منكم. قالوا: يا نبي الله أو منهم؟ قال: بل منكم. ثلاث مرات أو أربعًا. رواه الطبراني في المعجم الكبير، وصححه الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة. ويمكن الرجوع في هذا الموضوع لتمام الفائدة إلى الفتويين التاليتين: 24086، 29786. والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني