الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

نصائح تربوية لتحلي الأولاد بالصدق والانتهاء عن ضده

السؤال

ابنتي عمرها 18 عامًا، تدرس في كلية التربية، وأعاني معها منذ فترة طويلة جدًّا من كثرة كذبها عليّ في أمور كثيرة، بعضها ليست ذات أهمية، وبعضها في منتهى الأهمية، وتعبت معها، واستخدمت الحوار والإقناع بأن الكذب لا يؤدي إلا إلى ضررها، والضرب، ولا أعرف الآن ماذا أعمل معها، مع العلم أنها ملتزمة دينيًّا، ومنقبة، وهي تعرف جيدًا أن الكذب حرام، فماذا أفعل؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فننصحك بالنصائح التالية:

1) الإكثار من الدعاء لها بالصلاح، والاستقامة، والصدق، خاصة في السجود، والثلث الأخير من الليل.

2) بناء جسر من المودة، والتفاهم بينك وبينها؛ إذ عليه يمر العلاج، وبه يُسمع النصح، والتوجيه، ويكون ذلك بوجوه البرّ، والإحسان إليها، وقد حثَّنا النبي صلى الله عليه وسلم على الإحسان إلى البنات خاصة، فقال: من عال ثلاث بنات، فأدبهنَّ، ورحمهنَّ، وأحسن إليهنَّ، فله الجنة. رواه أحمد بإسناد صحيح. وقال عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما-: إنما سموا الأبرار؛ لأنهم بروا الآباء، والأبناء؛ كما أن لوالديك عليك حقًّا، كذلك لولدك عليك حق. رواه ابن أبي الدنيا في كتاب العيال.

3) الابتعاد عن مبدأ العقاب بالضرب، لا سيما أن ابنتك الآن قد جاوزت مرحلة الطفولة، كما أن الضرب ليس وسيلة تربية، في أغلب الأحوال، بل قد يكون سببًا لتعثر العلاقة بينك وبينها، ويزيد المشكلة المراد حلّها، وفي ذلك يقول ابن خلدون في مقدمته: من كان مرباه بالعسف، والقهر، من المتعلمين، أو المماليك، أو الخدم، سطا به القهر، وضيق على النفس في انبساطها، وذهب بنشاطها، ودعاه إلى الكسل، وحمله على الكذب، والخبث، وهو التظاهر بغير ما في ضميره؛ خوفًا من انبساط الأيدي بالقهر عليه، وعلّمه المكر، والخديعة لذلك، وصارت له هذه عادة، وخلقًا.

4) المحافظة على أن تكون قدوة في الصدق، وبما تأمر به من فضائل الأخلاق؛ إذ قد يكون المربي قدوة السوء من حيث لا يشعر؛ فكم من الآباء مثلًا يوصي ولده بأن يقول لمن يطلبه في الهاتف أنه غير موجود! أو يسمعه يعتذر لأحدٍ بأعذار غير صادقة، فيتعلم الولد الكذب، وبكل أسف في المنزل، وممن؟ ممن كان الأولى به أن يكون القدوة الحسنة، وفي ذلك يقول الشاعر:

‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌وينشأ ناشئ الفتيان فينا...على ما كان عوّده أبوه.

5) اتباع الرفق في طريقة العلاج؛ وذلك بالتغاضي، وترك التدقيق في كل ما تقوله، والمناقشة، والحوار الهادئ، والإثارة، والتلميح أحيانًا أخرى فيما يتبين فيه كذبها، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ما كان الرفق في شيء، إلا زانه، وما نزع من شيء، إلا شانه. رواه ابن حبان. وهذه الطريقة تحتاج إلى الصبر، واتساع الصدر.

وأخيرًا: إنصافها بعدم التقليل، أو التهوين من صالح أعمالها، كالصلاة، والحجاب، وغير ذلك، بل تُشجّع، ويثنى على محافظتها عليها، مقابل التنبيه على أخطائها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني