الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

معنى "أما أهل النار الذين هم أهلها.."

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. حديث"أما أهل النار الذين هم أهلها فإنهم لا يموتون فيها ولا يحيون، ولكن ناس أصابتهم النار بذنوبهم فأماتهم الله إماتة.
"ما معنى الحديث وكيف لا يموتون ولا يحيون؟ وما معنى أماتهم الله إماتة؟ أرجو التوضيح

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فقد روى مسلم في صحيحه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أما أهل النار الذين هم أهلها، فإنهم لا يموتون فيها ولا يحيون، ولكنْ ناسٌ أصابتهم النار بذنوبهم، -أو قال بخطاياهم- فأماتهم إماتة حتى إذا كانوا فحما أذن بالشفاعة، فجيء بهم ضبائر ضبائر فبثوا على أنهار الجنة، ثم قيل: يا أهل الجنة أفيضوا عليهم فينبتون نبات الحبة تكون في حميل السيل، فقال رجل من القوم كأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كان بالبادية. ومعنى الحديث كما في شرح مسلم للنووي قال: فالظاهر -والله أعلم- من معنى هذا الحديث أن الكفار الذين هم أهل النار والمستحقون للخلود، لا يموتون فيها ولا يحيون حياة ينتفعون بها ويستريحون معها، كما قال الله تعالى: لا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا [فاطر: 36]. وقال تعالى: ثُمَّ لا يَمُوتُ فِيهَا وَلا يَحْيَى [الأعلى:13]. وهذا جارٍ على مذهب أهل الحق أن نعيم أهل الجنة دائم، وأن عذاب أهل الخلود في النار دائم. وأما قوله صلى الله عليه وسلم: ولكنْ ناسٌ أصابتهم النار. قال النووي: معناه أن المذنبين من المؤمنين يميتهم الله تعالى إماتة بعد أن يعذبوا المدة التي أرادها الله تعالى، وهذه الإماتة إماتة حقيقية، يذهب معها الإحساس، ويكون عذابهم قدر ذنوبهم، ثم يميتهم، ثم يكونون محبوسين في النار من غير إحساس المدة التي قدرها الله تعالى، ثم يخرجون من النار موتى، قد صاروا فحما، فيحملون ضبائر (جماعات متفرقة) كما تحمل الأمتعة، ويلقون على أنهار الجنة، فيصب عليهم ماء الحياة، فينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل في سرعة نباتها وضعفها، فتخرج لضعفها صفراء مُلتوية، ثم تشتد قوتهم بعد ذلك ويصيرون إلى منازلهم في الجنة، وتكمل أحوالهم. قال النووي: فهذا هو الظاهر من لفظ الحديث. والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني