الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

خطر التفريط في الصلاة

السؤال

أنا فتاة أبلغ من العمر 26 عامًا أصلي منذ كنت في الثامنة من العمر، وأنا الآن أصلي وأترك، ولا أصلي الصلاة في وقتها، وأنا على هذا الحال منذ ثلاث سنوات, فكيف أصلي صلواتي الفائتة التي تركتها؟ وما حكم من يصلي ويترك؟ وكيف أحافظ على الصلاة وأصليها في وقتها؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإنه تجب عليك التوبة من التفريط في الصلاة وإضاعتها، وقضاء ما فرطت فيه من صلوات بعد بلوغك، إذا كنت تعلمين عددها، وإلا صليت بقدر ما يغلب على ظنك أنه يبرئ ذمتك، ويفي بما عليك، قال ابن قدامة في المغني: إذَا كَثُرَت الْفَوَائِتُ عَلَيْهِ، يَتَشَاغَلُ بِالْقَضَاءِ, مَا لَمْ يَلْحَقْهُ مَشَقَّةٌ فِي بَدَنِهِ، أَوْ مَالِه.... فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ قَدْرَ مَا عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ يُعِيدُ حَتَّى يَتَيَقَّنَ بَرَاءَةَ ذِمَّتِهِ، قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ صَالِحٍ, فِي الرَّجُلِ يُضَيِّعُ الصَّلَاةَ: يُعِيدُ حَتَّى لَا يَشُكَّ أَنَّهُ قَدْ جَاءَ بِمَا قَدْ ضَيَّعَ. انتهى..

وعليك أن تتنبهي لخطر التفريط في الصلاة، وتسعي في علاج نفسك، وحملها على الانضباط في الصلاة، والحفاظ على الإتيان بجميعها في أوقاتها، فإن الصلاة لها مكانة عظيمة في الإسلام، فهي الركن الثاني منه بعد الشهادتين، وهي أول ما ينظر فيه من أعمال العبد، فمن حافظ عليها فاز ونجا، ومن ضيعها خاب وخسر، وحشر مع فرعون وهامان، وقد ثبت الوعيد الشديد في حق تاركها، والمتهاون بها، فقد قال الله تعالى: حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ {البقرة:238}، وقال تعالى: إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا {النساء: 103}، وقال تعالى: فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا {مريم:59}، وقال تعالى: فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ {الماعون:4ـ 5}.

وقال صلى الله عليه وسلم: ليس بين العبد وبين الكفر إلا ترك الصلاة. كما في السنن، وصحيح ابن حبان.

وقال: العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها، فقد كفر. رواه الترمذي، والنسائي، وابن ماجه.

وفي سنن ابن ماجه، وغيره، عن أبي الدرداء ـ رضي الله عنه ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ولا تترك صلاة مكتوبة، فمن تركها متعمدًا، فقد برئت منه الذمة.

وفي سنن أبي داود، من حديث علي ـ رضي الله عنه ـ قال: كان آخر كلام النبي صلى الله عليه وسلم: الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم. صححه الشيخ الألباني، ومعناه في سنن ابن ماجه، ومسند الإمام أحمد.

وفي سنن الترمذي، وسنن النسائي بإسناد صحيح، من حديث أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة من عمله الصلاة، فإن صلحت، فقد أفلح وأنجح، وإن فسدت، فقد خاب وخسر.

وفي مسند الإمام أحمد من حديث عبد الله بن عمر أنه ذكر الصلاة يومًا، فقال: من حافظ عليها كانت له نورًا، وبرهانًا، ونجاة يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها لم يكن له نور، ولا برهان، ولا نجاة، وكان يوم القيامة مع قارون، وفرعون، وهامان، وأبي بن خلف. حسنه الشيخ شعيب الأرناؤوط. والحديث أيضًا في سنن الدارمي، وحسن إسناده الشيخ حسين أسد.

إلى غير ذلك من الأحاديث في تعظيم شأن الصلاة، وتوعد تاركها، والمتهاون والمتساهل في أمرها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني