الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الصلاة في غير مسجد الحي

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أرجو من فضيلتكم أن تبينوا بالدليل حكم تغيير المسجد للصلاة خلف القارئ الجيد، وهل أنهم لم يقعوا في النهي الشرعي الوارد في الحديث: "لا تشد الرحال إلا لثلاثة مساجد المسجد الأقصى والمسجد الحرام ومسجدي هذا"
وإذا كان الحكم بالجواز، فهل يسري هذا الحكم على صلاة الجمعة؟ أي تغيير المسجد لصلاة الجمعة، وما هي الحكمة من الجمعة.
شكرا وجزاكم الله خيرا والسلام

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فلا مانع من الذهاب إلى المسجد الذي تخشع لقراءة إمامه نظرًا لجودة صوته، وحسن ترتيله، ما لم يؤد ذلك إلى هجر المسجد القريب منك بسبب انصرافك أنت وغيرك من المصلين، لا سيما أن بعض الفقهاء قد نصوا على أن الصلاة في مسجد الحي أفضل من الصلاة في غيره، ولو كان غيره أكثر جماعة. قال ابن عابدين في رد المحتار: ومسجد حيه - وإن قلَّ جمعه - أفضل من الجامع، وإن كثر جمعه. اهـ ولأن ترك المرء للصلاة في مسجد حيه سبب في اتهامه بعدم حضور الصلاة في جماعة، وإثارة للناس على الإمام، حيث يكثر السؤال عن سبب عدم الصلاة خلفه مما يؤدي إلى وقوع الناس في فتنة، مع ما فيه من التأثير على نفس الإمام وإدخال الحزن عليه، وكذلك صلاة الجمعة بشروط بيناها في الفتوى رقم: 30037. علمًا بأن النهي عن شد الرحال المذكور في الحديث كناية عن السفر. قال ابن جرير في فتح الباري: كنى بشد الرحال عن السفر لأنه لازمه، وخرج ذكرها مخرج الغالب في ركوب المسافر، وإلا فلا فرق بين ركوب الرواحل والخيل والبغال والحمير، والمشي في المعنى المذكور، ويدل عليه قوله في بعض طرقه: إنما يسافر. اهـ فالمقصود إذًا النهي عن السفر إلى غير المساجد الثلاثة، فلو ركب المرء للصلاة في مسجد دون أن يكون الذهاب لهذا المسجد في معنى السفر، فليس ذلك من شدِّ الرحال؛ لأن شدَّ الرحال هو السفر ولو كان ماشيًا، ولذلك لما قال أبي بن كعب لأحد الصحابة: لو اشتريت حمارًا تركبه في الظلماء وفي الرمضاء... -يعني حينما تأتي المسجد- لم ينكر عليه النبي صلى الله عليه وسلم ذلك. وللفائدة راجع الفتوى رقم: 28643، والفتوى رقم: 25905. أما عن الحِكَم من صلاة الجمعة فكثيرة، ومنها: 1- اتباع أمر الشارع سبحانه وتعالى، حيث قال: إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ[الجمعة:9]. 2- يوم الجمعة يجتمع فيه المسلمون فيكون ذلك أدعى للتآلف بين قلوبهم والشعور بأخوة الإيمان، مع ما فيه من إظهارٍ لشعائر الإسلام، وإغاظة لقلوب أعداء الدين. 3- أنها يوم عيدٍ للمسلمين في الأرض، قال صلى الله عليه وسلم: إن يوم الجمعة سيد الأيام وأعظمها عند الله، وهو أعظم عند الله من يوم الأضحى ويوم الفطر... رواه ابن ماجه وأحمد ، وحسنه الألباني ، وقال شعيب الأرناؤوط في تحقيق "زاد المعاد": إسناده حسن كما قال البوصيري في الزوائد. والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني