الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هيئة الجلوس المسنونة في التشهدين

السؤال

هل يجوز للمصلي أن ينصب كلتا رجليه عند الجلوس للتشهد؟ مع الدليل، وإن كان هناك اختلاف الرجاء ذكره إذا أمكن ذكره. جزاكم الله خيرا ونفع بكم المسلمين.
أحمد الجناحي

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فقد اختلف أهل العلم في هيئة الجلوس المسنونة في التشهدين - الأوسط والأخير - في الصلاة، على أربعة أقوال نلخصها في ما يلي: ذهب الحنفية إلى التفريق بين الرجل والمرأة، فالرجل يسنُّ له الافتراش والمرأة يسن لها التورك، لا فرق في ذلك بين التشهد الأول والأخير أو الجلسة بينهما. وذهب المالكية إلى أن المسنون هو أن يجلس المصلي متوركًا، وذلك بأن يفضي بإليتيه إلى الأرض وينصب رجله اليمنى ويثني اليسرى، وهذا في كل جلسات الصلاة، والرجل والمرأة في هذا سواء. وذهب الحنابلة إلى أن المسنون للمصلي أن يتورك في جلوس التشهد الأخير في الصلاة ذات التشهدين، وما عداه يكون مفترشًا ناصبًا اليمنى جالسًا على اليسرى. وذهب الشافعية إلى أنه يتورك في كل تشهد أخير مطلقًا، سواء كانت الصلاة ثنائية أو أكثر، ويفترش في ما عداه. ولعل أقرب هذه الأقوال إلى السنة - والله أعلم - ما ذهب إليه الحنابلة؛ فقد روى البخاري عن محمد بن عمرو بن عطاء أنه كان جالسا مع نفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فذكرنا صلاة النبي صلى الله عليه وسلم، فقال أبو حميد الساعدي: أنا كنت أحفظكم لصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، رأيته إذا كبر جعل يديه حذاء منكبيه، وإذا ركع أمكن يديه من ركبتيه، ثم هصر ظهره، فإذا رفع رأسه استوى، حتى يعود كل فقار مكانه، فإذا سجد وضع يديه غير مفترش ولا قابضهما، واستقبل بأطراف أصابع رجليه القبلة، فإذا جلس في الركعتين جلس على رجله اليسرى، ونصب اليمنى، وإذا جلس في الركعة الآخرة، قدم رجله اليسرى، ونصب الأخرى، وقعد على مقعدته. ومن هذا الحديث تتبين لك الهيئة المسنونة في التشهد، فإن خالف المصلي ونصب رجليه جاز ذلك، ولكنه ترك السنة وفاته ثوابها. علمًا بأنه يشرع للمصلي أن يجلس على قدميه ناصباً لهما بين السجدتين لما في صحيح مسلم عن طاووس قال: قُلْنَا لاِبْنِ عَبّاسٍ فِي الإِقْعَاءِ عَلَى الْقَدَمَيْنِ. فَقَالَ: هِيَ السّنّةُ. فَقُلْنَا لَهُ: إِنّا لَنَرَاهُ جَفَاءً بِالرّجُلِ. فَقَالَ ابْنُ عَبّاسٍ: بَلْ هِيَ سُنّةُ نَبِيّكَ صلى الله عليه وسلم. قال النووي رحمه الله تعالى عند شرحه لهذا الحديث ما نصه: اختلف العلماء في حكم الإقعاء وفي تفسيره، اختلافاً كثيراً لهذه الأحاديث، والصواب الذي لا معدل عنه أن الإقعاء نوعان: أحدهما: أن يلصق إليتيه بالأرض وينصب ساقيه ويضع يديه على الأرض كإقعاء الكلب، وهذا النوع هو المكروه الذي ورد فيه النهي، والنوع الثاني: أن يجعل إليتيه على عقبيه بين السجدتين، وهذا هو مراد ابن عباس بقوله سنة نبيكم صلى الله عليه وسلم. وراجع للأهمية الفتويين التاليتين: 1311، 15980 . والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني