الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

وسائل ومراتب وشروط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته - ما هي الوسائل المعينة على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟ - كيف تنكر في الحالات التالية: 1/ إذا كنت ذاهباً إلى الصلاة ولم يكن لديك وقت ورأيت منكرا فماذا تفعل؟ 2/ إذا ركبت في سيارة أجرة وتعلم أنك سوف تنزل بعد قليل (كدقيقة أو دقيقتين) فكيف تنكر المنكر كالأغاني وغير ذلك؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فالوسائل المعينة على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كثيرة، منها: الصبر والتسلح بالعلم، والتشويق إلى ما أعد الله لعباده المتقين، والتنفير مما أوعد به العصاة والمذنبين، ومنها: الزيارات وطلاقا الوجه، ومنها: إهداء الأشرطة والكتب الدينية، ومنها: الاستعانة بالخير. وقد جاء كل ذلك ملخصا في أبلغ عبارة. قال تعالى: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ[النحل:125]. ومن الوسائل المعينة عليه كذلك: الدعوة السلوكية، أي أن يكون الآمر بالمعروف متحليًّا ومتخلقًا بما يأمر به. قال أحد العلماء: كلام القلب يقرع القلب، وكلام اللسان يضرب الآذان صفحًا. وعن سؤالك الثاني فإن تغيير المنكر له ثلاث مراتب، هي: التغيير باليد لمن كانت له القدرة على ذلك، ثم التغيير باللسان، فإن عجز عنهما معًا، وجب الإنكار بالقلب. والأصل في ذلك ما رواه مسلم والترمذي والنسائي وأبو داود وابن ماجه وأحمد ، عن أبي سعيد ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: مَنْ رأى مِنْكُمْ مُنْكَراً فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فإنْ لَم يَسْتَطِعْ فَبِلِسانِهِ، فإنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذلكَ أضْعَفُ الإِيمَانِ. وقد حدد العلماء لوجوب النهي عن المنكر شروطًا، هي: - كونه مما علم نهي الشارع عنه. - كونه قائمًا في الحال. - كونه ظاهرًا من غير تجسس. - أن لا يكون من المسائل المختلف فيها اختلافًا معتبرًا سائغًا. انظر في ذلك رسالة "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأثرهما في حفظ الأمة"، تأليف د. عبد العزيز بن أحمد المسعودي (1/211). فإذا توفرت فيك هذه الشروط، وكنت ممن يلزمه تغيير المنكر باليد أو اللسان، وكان الموضوع مخشي الفوات، وكان في فواته ضرر، وجبت عليك المبادرة إلى تغييره؛ لأن القاعدة: أن الفروض إذا تزاحمت قدم الذي يخشى فواته. قال الشيخ خليل : وقدم فرض خيف فواته. وإذا انتفى شيء من ذلك، كان الأولى المبادرة إلى الصلاة؛ لأنه في حال عدم توفر شروط التغيير يسقط الوجوب. وإذا كنت ممن يلزمه التغيير بالقلب فقط، فإن ذلك لا يحتاج إلى وقت، فلا يتنافى إذن مع المبادرة إلى الصلاة. وإن كان الموضوع غير مخشي الفوات أو لم يكن في فواته ضرر، فالبداءة بالصلاة في كل ذلك أولى، لما روى الشيخان والترمذي والنسائي والدارمي وأحمد ، عن أبي عمرو الشيباني ، قال: حَدّثَنَا صَاحِبُ هَذِهِ الدّارِ - وَأَشَارَ إلَى دَارِ عَبْدِ اللّهِ - قَالَ: سَأَلْتُ النبيَّ اللّهِ صلى الله عليه وسلم أَيّ الْعَمَلِ أَحَبّ إلَى اللّهِ تَعَالَى؟ قَالَ: الصّلاَةُ عَلَى وَقْتِهَا. قال: ثُمَّ أيُّ؟.... الحديث. ثم إن الشطر الثاني من سؤالك الثاني لا يخرج عمَّا ذكرناه؛ لأنك إذا كنت قادرًا على تغيير المنكر وجب عليك تغييره ولو كلفك ذلك مواصلة الرحلة أكثر من الوقت الذي حددته، وإن كنت عاجزًا عنه سقط عنك. قال تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ[التغابن:16]. والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني