الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التلف في إقامة الحدود هل فيه ضمان؟

السؤال

هل يغرم من أقام حدا شرعيا على شخص معين، فمات من جراء ذلك، كما لو مات المحدود بالجلد أو القطع؟
جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالإمام أو السلطان إذا أقام الحد الشرعي على مستحقه بالطريقة الشرعية، فتلف عضو، أو نفس المحدود، فلا يضمن؛ لأن الحق هو الذي قتله، أو أتلف عضوه. بخلاف ما لو زاد على المشروع، فحينئذ يضمن.

قال الإمام الشافعي في (الأم): إذا أقام السلطان حدا من قطع أو حد قذف، أو حد زنا ليس برجم، على رجل أو امرأة عبد أو حر، فمات من ذلك، فالحق قتله؛ لأنه فعل به ما لزمه ... وما قلت: الحق قتله، فلا عقل فيه، ولا قود، ولا كفارة على الإمام، ولا على الذي يلي ذلك من المضروب. اهـ.
وقال ابن قدامة في (المغني): ولا نعلم بين أهل العلم خلافا في سائر الحدود، أنه إذا أتى بها على الوجه المشروع، من غير زيادة، أنه لا يضمن من تلف بها؛ وذلك لأنه فعلها بأمر الله وأمر رسوله، فلا يؤاخذ به؛ ولأنه نائب عن الله تعالى، فكان التلف منسوبا إلى الله تعالى. وإن زاد على الحد فتلف، وجب الضمان، بغير خلاف نعلمه؛ لأنه تلف بعدوانه، فأشبه ما لو ضربه في غير الحد. اهـ.
وهذا مبني على القاعدة الفقهية أن: المتولد من مأذون فيه لا أثر له. أي لا يكون مضمونا.

قال الزركشي في المنثور: المتولد من مأذون فيه لا أثر له، بخلاف المتولد من منهي عنه. ولهذا لو اقتص من الجاني، أو قطع في السرقة، فسرى إلى النفس، فلا شيء. اهـ.
ومن المعروف أن غير الإمام، أو من يفوض له الإمام أمر إقامة الحدود، ليس مأذونا له في إقامتها، فقد اتفق الفقهاء على أنه لا يقيم الحد إلا الإمام أو نائبه، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 187635.
وعلى ذلك، فإن غير الإمام ونائبه يضمن إذا أقام الحد بالجلد، أو القطع فمات المحدود.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني