الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

إخبار الوليِّ الخاطبَ بمعاصي وليّته

السؤال

إذا جاء الخاطب لخطبة أختي، وسألني عن دينها، وأخلاقها، فما هي الأمور التي يجب عليّ إخباره عنها، ولا يجوز إخفاؤها؟
فأنا أكبر من أختي، وشاهدتها تدخن بالسرّ عدة مرات في الطريق، وهي لا تصلي إلا قليلًا، وقد قالت مرةً: إن الله ظالم -والعياذ بالله- ولا أعلم إذا تابت من ذلك أم لا، لكنني أسعى في إصلاحها، وهي تسعى في إصلاح نفسها، وأرجو لها هداية قريبة، لكن إذا جاء الخاطب، فماذا أخبره؟
أنا أحب أختي، وأريد لها زوجًا صالحًا، وزواجًا موفقًا، وأسعى لأن أستر عليها، لكنني أخاف أن أخفي هذه المعلومات، وأكون بذلك آثمًا، وعليّ ذنب، فأرجو منكم يا أساتذة توضيح هذه المسألة بخصوص أختي، وأرجو شرح هذه المسألة عمومًا، وهي ما يخص إخبار الخاطب بعيوب المخطوبة، وحرمة إخفاء ذلك. جزاكم الله خيرًا، وأحسن إليكم.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فجمهور الفقهاء على أن العيوب التي يجب بيانها حال الخطبة هي العيوب التي يتعذّر معها الوطء، أو الأمراض المنفّرة، أو المعدية، -كالبرص، والجذام، ونحو ذلك-، وانظر التفصيل في الفتوى رقم: 53843، والفتوى رقم: 130511.

فإذا تقدم لأختك خاطب، فلا يجب عليك إخباره بغير العيوب المذكورة، وعليك أن تستر عليها، قال ابن رشد (الجد) رحمه الله: وكذلك لا يجوز له، ولا ينبغي له أن يخبر من عيوب وليته بشيء مما لا يجب ردها به من العور، والعمى، والسواد، وشبه ذلك. اهـ.

أمّا إذا سألك الخاطب عنها، فلا يجوز أن تكذب عليه، لكن لا تخبره بما يشين عرضها، فيكفي أن تقول له؛ إنها لا تصلح لك، جاء في الشرح الكبير للشيخ الدردير: وعليه -أي الولي- وجوبًا كتم الخنا بفتح الخاء المعجمة، أي: الفواحش التي تشين العرض، كالزنا، والسرقة، وظاهره ولو اشترط الزوج السلامة من ذلك، والذي ينبغي حينئذ أن يقال: يجب الكتم للستر والمنع من تزويجها بأن يقول للزوج: هي لا تصلح لك؛ لأن الدين النصيحة. اهـ

وعليك أن تجتهد في استصلاح أختك، وإعانتها على التوبة مما وقعت فيه من الأقوال الكفرية، والتهاون في الصلاة المفروضة، والتدخين.

وإذا تابت أختك، واستقامت، فلا يجب عليك الإخبار بما مضى من معاصيها، بل الواجب الستر عليها، والتوبة تمحو ما قبلها، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني