الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم تأجيل المهر إلى الميسرة

السؤال

جزاكم الله عنا كل خير، وهذا سؤالي لكم: زوجي يريد التعدد، وأنا راضية بذلك، ولكنه عند عقد قراننا نظرا لأحوال الحرب في بلادنا، جعلنا المقدم شيئا رمزيا، وجمعنا المقدم مع المؤخر يتم دفعه فور انفراج الحال؛ لكيلا نضيق عليه.
وكان شرطي الوحيد هو أن يفصلني عنها في المعيشة ولو كانت بجانبي، فنعم، المهم ألا نتشارك البيت، وهذا حقي شرعا، ولكنه ضيق علي، وساءت أخلاقه معي؛ لأن أهله لم يوافقوا على زواجه من أخرى، ولم تقبل به امرأة إلى الآن، وأصبح لنا سنة على هذه الحال يصب غضبه علي، حتى صرت أتمنى زواجه فقط ليخفف علي.
وهو أيضا لا يعترف بالغيرة للمرأة، وأنا أعرف خلقه، لن يراعي غيرتي إن حدثت. ويريد مشاركتها لي نفس البيت، مع العلم أنه ليس لنا، وليست فيه إلا غرفة أخرى صالحة للسكن، وأنا صغيرة ومتعلقة به، لا أعلم إن كنت سأطيق ما سيقع على عاتقي من هذا الأمر منه، ومن المجتمع، ولأنه أصبح يهدد بطلاقي في الآونة الأخيرة، ويعاملني بجفاء (رغم أني وباعترافه منذ سنة، لا أقصر عليه بشيء، ولن يتزوج بمثلي، ولكنه الآن لا يستحسن مني شيئا، حتى تعبت نفسيتي جدا، ونحن دائما في مشاكل على أصغر الأمور، لا أعرف ما السبب؟ يريد تحطيمي نفسيا، ويعرفني أني لا أقدر على غضبه، وأراضيه وإن كان الحق معي، ولا حول ولا قوة إلا بالله)
المهم: أريد أن أطالب بمهري، وبسكن شرعي لي، وإن لم يوافق. هل يحل لي طلب الخلع؟
وهل يحل له شرعا أن يتزوج في هذه الحال (عدم قدرته على فتح بيتين، وعليه ديون كثيرة للناس، ومن بينهم حصتي من ميراث والدي رحمه الله)؟ وذكرت أنه باعترافه ليس هناك ما ينقصه، والحمد لله.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فاشتراط تأجيل المهر -أو بعضه- إلى أجل غير محدد، مختلف في حكمه بين أهل العلم، فبعضهم يبطل التأجيل ويوجبه حالاً، وبعضهم يشترط لصحته أن يكون عند الزوج وقت العقد، ما يقدر على أداء المهر منه.

قال الكاساني -رحمه الله-: فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ الْوَقْتَ لِشَيْءٍ مِنْ الْمَهْرِ أَصْلًا، بِأَنْ قَالَ: تَزَوَّجْتُكِ عَلَى أَلْفٍ مُؤَجَّلَةٍ، أَوْ ذَكَرَ وَقْتًا مَجْهُولًا جَهَالَةً مُتَفَاحِشَةً بِأَنْ قَالَ: تَزَوَّجْتُك عَلَى أَلْفٍ إلَى وَقْتِ الْمَيْسَرَةِ، أَوْ هُبُوبِ الرِّيَاحِ، أَوْ إلَى أَنْ تُمْطِرَ السَّمَاءُ، فَكَذَلِكَ؛ لِأَنَّ التَّأْجِيلَ لَمْ يَصِحَّ؛ لِتَفَاحُشِ الْجَهَالَةِ، فَلَمْ يَثْبُتْ الْأَجَلُ. بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع.
وجاء في الشرح الكبير للشيخ الدردير: " ...أو تأجيله إلى الميسرة للزوج، فيجوز إن كان الزوج مليا، كمن عنده سلع يرصد بها الأسواق، أو له استحقاق في وقف ونحوه. فإن لم يكن مليا، فكمؤجل بمجهول. اهـ.
فيحق لك المطالبة بمهرك المؤجل إذا كان زوجك قد أيسر، والمطالبة بمسكن مستقل مناسب، وإذا كرهت زوجك وخشيت ألا تقيمي حدود الله معه؛ فلك مخالعته على إسقاط المؤخر أو بعضه، وراجعي الفتوى رقم: 8649
وأمّا عن حكم زواج الرجل بزوجة أخرى مع عدم قدرته على مؤنة الزواج، فهذا محل خلاف بين أهل العلم، بيناه في الفتوى رقم: 135708
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني