الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المعتبر في السلس عند المالكية

السؤال

نفع الله بكم. ورد في مواهب الجليل للحطاب المالكي في حديثه عن تقسيم أنواع السلس عند المغاربة إلى أربعة أقسام، وكان الضابط فيها المقارنة بين ملازمة السلس لصاحبه ومفارقته له, أنا لم أفهم المقصود بالملازمة, فمثلا صاحب سلس البول هل معنى أن السلس ملازم له أكثر من مفارقته له أن الخارج من سبيله يسيل باستمرار دون انقطاع؛ بحيث تكون مدة خروجه أكثر من انقطاعه؟ أم أن ملازمة السلس له أكثر من انقطاعه تعني فقط مجرد وجوده عدة مرات في يوم واحد، و لو كان حساب مجموع أوقات نزوله أقل من انقطاعه؟ فهناك من أصحاب السلس من يكون وقت نزول الخارج من السبيل لا ينضبط وقته؛ بحيث يتقدم مرة، ويتأخر أخرى، وينزل أكثر من مرة في اليوم، ولكن لفترات بسيطة، ثم ينقطع، ويعود مرة أخرى. طبعا وصاحبه لا يعلم عودة النزول في المرة الأخرى متى تكون. فهل من كانت حاله كهذه يعد السلس ملازما له أكثر من مفارقته له أم لا؟
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فحاصلُ مذهب المالكية في هذه المسألة أن نزول الحدث لا يخلو من أحد أمرين:

أولهما: أن يكون نزوله منضبطا؛ كأن ينزل أول وقت الصلاة مثلا, فيتعيّن تأخيرها إلى آخر وقتها، وإن كان الحدث لا يحصل إلا في آخر الوقت، فيتعيّن تقديم الصلاة أول وقتها.

2ـ أن يكون الحدث لا ينضبط وقته؛ بحيث يتقدم مرة، ويتأخر أخرى, وينقطع, ثم يعود, ولا يعلم الشخص متى يأتيه, فإنه يقدِّر في ذهنه أيهما أكثر؟ نزوله,أم انقطاعه, فإن كان نزوله أكثر, فإنه ينطبق عليه حكم السلس, وإن كان نزوله أقل, فإنه ينقض الوضوء.

وقد رجّح بعض فقهاء المالكية أن السلس إنما يٌعتبر في وقت الصلاة من اليوم والليلة فقط، ويُلغى من طلوع الشمس إلى زوالها عن الاعتبار فلا ينظر إلى ما فيه.

يقول الشيخ خليل في التوضيح على مختصر ابن الحاجب: ومعنى الملازمة هنا -والله أعلم- أن يأتيه البولُ مقدارَ ثُلُثَيْ ساعةٍ -مثلاً- وينقطع عنه ثلثاً, ثم يأتي ثلثي ساعةٍ مثلَ ذلك, فيعمُّ سائرَ نهارِه وليلِه. وكان بعضُ مَن لقيناه يقول: إنما تُعتبر ملازمتُه ومفارقتُه في أوقاتِ الصلاةِ خاصةً؛ لأن الزمانَ الذي يُخاطب فيه بالوضوء, ابن هارون: وهذا هو الظاهرُ؛ لأن غيرَ وقتِ الصلاةِ لا عِبْرَةَ بمُفارقتِه وملازمتِه, إِذْ ليس هو مخاطَباً حينئذٍ بالصلاةِ. انتهى. وهذا الذي كان يَميل إليه شيخُنا -رحمه الله- وكان يقول ما معناه: إنه لا ينبغي أن تُؤخذَ المسألةُ على عمومِها, بل يَنبغي أن تُقَيَّدَ بما إذا كان إتيانُ ذلك مختلفاً في الوقت, فيُقَدِّرُ بذهنه أيهما أكثر فيعمل عليه, وأما إن كان وقتُ إتيانِه منضبطاً لعَمِلَ عليه, فإن كان أولَ الوقتِ أَخَّرَها, وإن كان آخرَ الوقتِ قَدَّمَها, وهو كلام حسن فتأمله. اهـ
وفي الفواكه الدواني للنفراوي على الرسالة: والمعتمد أنه لا يعتبر إلا الملازمة في أوقات الصلاة، وتظهر فائدة الخلاف فيما إذا فرضنا أن أوقات الصلاة مائتان وستون درجة، وغير وقتها مائة درجة، فأتاه فيها وفي مائة من أوقات الصلاة، فعلى المشهور ينقض لمفارقته أكثر الزمن لا على مقابله لملازمة أكثره. انتهى

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني