الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الاستثمار المباح يغني عن الربا

السؤال

انا لاجئ في إحدى البلدان منذ 6 سنوات بسبب الحرب في بلدي.
كان لدينا شقة كبيرة جداً في البلد اللاجئين إليه، قمنا ببيعها وشراء شقتين صغيرتين، وزاد لدينا بعض المال، بعد مرور الزمن انتهى هذا المال وقمنا ببيع شقة من الشقتين الصغيرتين، والآن قد انتهى المال الذي معنا، والآن لدينا شقة وهي الشقة الأخيرة التي نملكها. هل يمكننا بيعها ووضع المال في البنك وأخذ الفوائد كل سنة؟
مع العلم أننا في هذا البلد ممنوعون من العمل به، وحاولنا تأجير الشقة، ولكن سرقوا الذي فيها وهربوا، وأنا وأخي ندرس، ووالدي كبير في العمر، ومصاب بالزهايمر، ووالدتي كبيرة أيضاً في العمر، فهل في هذه الحالة تكون الفوائد حلالا؟ وإذا لا، كيف نعيش إذًا ؟
الشق الثاني من الموضوع، ما الغاية من إغلاق حدود الدول الإسلامية على اللاجئين؟
بينما أوربا فتحت حدودها للاجئين من السوريين والعراقيين والمصريين و .....إلى آخره.
فخلال سنة واحدة استقبلت ألمانيا أكثر من مليون لاجئ من المسلمين، هذه الأحداث شكلت لدي ضربة قوية في العقيدة، هل هذا هو الإسلام؟ هكذا قال كتاب الله؟
أتيحت لنا الفرصة عن طريق الأمم المتحدة للسفر إلى الخارج، ولكن والدي رفض، وقال لنا العيش بين أهل ملتنا أفضل بكثير.
بعد هذه السنوات من اللجوء رأيت جحود العرب والمسلمين علينا، ورأيت كرم أهل أوربا على الذين سبقونا لبلادهم، وبدأت أتساءل ما الغاية لهم من استقبالنا وحسن ضيافتنا وتعليمنا، وكل هذا بالمجان أو مقابل عمل عدة سنوات لديهم.
ولديهم أيضاً شيئا اسمه الجوب سنتر، وهو أن الذي ليس لديه عمل يأخذ مصروفه منه حتى يجد العمل المناسب له، وهذا يذكرني ببيت مال المسلمين قديماً، فلماذا يحدث كل هذا معنا نحن أهل الإسلام؟
وهل يعقل أن الفوائد حرام، والمليارات التي تستفيد بها دول الغرب من قبل المسلمين حلال؟
الرجاء إجابة مقنعة من المشايخ الكرام على هذا الكلام، وتقبل الله صيامكم وصيامنا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يؤتيكم من لدنه رحمة، وأن يهيئ لكم من أمركم رشدا.

وأما ما سألت عنه فجوابه: أن بيع الشقة وإيداع مالها بالبنك لأخذ فوائد ربوية عليه لا يجوز، ويمكن استثمار ثمنها في كسب حلال، وسبل استثمار المال المباحة كثيرة لمن تحراها وابتغاها، وإياك أن تظن أن رزقكم موكول بتلك الشقة أو غيرها، وإذا لم تأخذوا الفوائد الربوية سينتهي رزقكم وتضيعون. فالذي أعطى الشقق ويسر الأمر يعطي غير ذلك، وهو الرزاق سبحانه، وقد قال جلّ شأنه: وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا {هود:6}، وقال: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ {فاطر:3} وثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: إن روح القدس نفث في روعي أنه لن تموت نفس حتى تستوفي رزقها وأجلها، فاتقوا الله، وأجملوا في الطلب.

والربا لا خير فيه ولا بركة، والمستجير به عند كربته كالمستجير من الرمضاء بالنار، فاصرفوا الفكر عن ذلك الأمر، والتمسوا الرزق الحلال، واستثمروا ثمن الشقة إن بعتموها في كسب مباح، ويمكن استشارة ذوي الخبرة وأهل الخير والصلاح حيث أنتم في ذلك، وما ندم من استشار.

وأما الشق الثاني من السؤال فجوابه: أن الإسلام لا يقاس بتصرفات الأفراد ولا الدول، فلا علاقة للإسلام بخطإ من أخطأ أيا كان. والناظر في أحوال المسلمين اليوم يرى انحرافاً كبيراً عن منهج الله تعالى وقد قال القائل: الحمد لله أني عرفت الإسلام قبل أن أعرف المسلمين. فبعض من ينتسب إلى الإسلام أفرادا أو جماعات أو دولا لا تمثل الإسلام الحق. ولا تحسب أخطاؤهم عليه. فلم يأمر بها، ولا يرضاها، وتخالف ما جاء به. هذا من حيث الإجمال.

نسأل الله أن يردنا إليه ردا جميلا، وأن يصلح أحوال المسلمين، وأن يؤلف بين قلوبهم على ما يرضيه إنه ولي كريم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني