الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

كنت أقيم أنا وزوجتي وأبنائي في إحدى الدول الاوروبية منذ عامين؛ وزوجتي قد حصلت على منحة الماجستير بإحدى الجامعات هناك، منذ ثمانية أشهر حدثت بيننا مشادة كلامية، فقلت لها إني لا أطيق عصبيتها التي وصلت في بعض الأحيان للإهانة لي ولأولادنا، وقلت لها إني سوف أنزل مصر، وكانت نيتي نزولا مؤقتا أبتعد فيها عن هذا التوتر، قالت لي خذ أولادك معك، وأعطتني جوازات السفر الخاصة بهم، وقالت لي طلقني، قلت لها عندما أصل مصر سوف أجلس مع خالك وسوف أطلقك (هذا ما قيل حرفيا على لساني: سوف أجلس مع خالك وسوف أطلقك), قلت لها هذا لكي أستطيع النزول بالأولاد حتى لا ترجع في كلامها، نزلت أنا والأولاد بالفعل ولم أطلقها، وكانت إقامتي منتهية في انتظار التجديد، رفضت زوجتي تجديد إقامتي وإقامة الأولاد، طلبت منها النزول لمصر لترجع لبيتها فرفضت أيضاً، وقالت أنا الذي هجرتها ثمانية أشهر، وتعتبر نفسها طالقا؛ لأني هجرتها بالرغم أني لا أملك إقامة، فهي التي رفضت التجديد وتقيم في بلد أجنبي.
السؤال: هل الوعد بالطلاق يقع بالرغم من عدم النطق؟ وهل هذا الوضع يعتبر هجرا، وتعتبر طالقا من تلقاء نفسها، كما ادعت؟ هل تعتبر ناشزا لعدم طاعتها وعدم رجوعها لبلدنا وبيتها حتى بعد انتهاء دراستها؟ حضانة الأولاد من حقي أم من حقها؟ وهي تقيم في بلد أجنبي؟ مع العلم أنها مصرية ومسكن الزوجية بالقاهرة. وفي حالة ما إذا حدث الطلاق لاحقا، ما هي حقوقها الشرعية بهذا الوضع؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فهذه العبارة التي تلفظت بها مجرد وعد لا يترتب عليه طلاق، ولا يلزم الوفاء به، قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في مجموع الفتاوى: الوعد بالطلاق لا يقع ولو كثرت ألفاظه، ولا يجب الوفاء بهذا الوعد ولا يستحب.
وجاء في حاشية البجيرمي على شرح المنهج: ... وَلِذَلِكَ لَوْ قَالَ بَدَلَ أَنْت طَالِقٌ: أُطَلِّقُك أَوْ طَلَّقْتُك لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ وَعْدٌ.
وعليه؛ فزوجتك في عصمتك لم تطلق، والواجب عليها طاعتك في الرجوع إلى بلدك، وامتناعها من الرجوع نشوز، وحضانة الأولاد لك ما لم ترجع زوجتك إلى بلدك، قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: وبما ذكرناه من تقديم الأب عند افتراق الدار بهما قال شريح ومالك والشافعي، وقال أصحاب الرأي: إن انتقل الأب فالأم أحق به، وإن انتقلت الأم إلى البلد الذي كان فيه أصل النكاح فهي أحق، وإن انتقلت إلى غيره فالأب أحق. اهـ وانظر الفتوى رقم: 118375.
وإذا طلقتها من غير أن تشترط عليها إسقاط شيء من حقوقها، فإنّ لها حينئذ مهرها كله معجله ومؤجله، وسائر حقوق المطلقة المبينة في الفتوى رقم: 20270.
والذي ننصحك به أن تسعى في استصلاح زوجتك، ولا تتعجل في طلاقها، وتوسط بعض الأقارب أو غيرهم من أهل الدين لينصحوها ويردوها للصواب، فإن رجعت وعاشرتك بالمعروف فذلك أفضل، وإن لم يفد ذلك وبقيت على نشوزها، فلك أن تضيق عليها، وتمتنع من طلاقها حتى تسقط لك بعض حقوقها أو جميعها، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 8649.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني