الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

خروج المني ولو يسيرًا من علامات البلوغ

السؤال

أنا شاب أبلغ من العمر 14 سنة، ولا أعرف هل بلغت أم لا؟ فقد نبت عندي شعر العانة، وخرج مني المنيّ بكمية ليست كبيرة، وأنا أمارس العادة السرية، ولكني أتوب كل مرة، ثم أعاود لفعلها، وفي شهر رمضان حاولت الإقلاع عن هذه العادة، ولكني لم أنجح، واليوم في نهار رمضان حاولت أن أستمني دون نية إنزال المني، إذ قلت لنفسي: سأستمني، وقبل لحظة نزول المني، سأتوقف، ولكن نزل مني المنيّ دون قصد، فما حكم هذا؟ هل يجب عليّ كفارة، أو يجب أن أصوم يومًا قضاء؟ وهل ينطبق عليّ هذا الحديث بما أن عمري 14 سنة: عرضت على رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد في القتال، وأنا ابن أربع عشرة سنة، فلم يجزني، وعرضت يوم الخندق، وأنا ابن خمس عشرة سنة، فأجازني. جزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فقد تضمّن سؤالك عدة مسائل, وسنجيبك في النقاط التالية:

1ـ نبات شعر العانة, وخروج المني علامتان من علامات البلوغ, كما سبق تفصيله في الفتوى رقم: 10024.

2ـ خروج المني يعتبر علامة للبلوغ، يقول ابن قدامة في المغني أثناء الحديث عن علامات البلوغ: فأولها: خروج المني من قُبُلِه، وهو الماء الدافق الذي يخلق منه الولد، فكيفما خرج في يقظة، أو منام، بجماع، أو احتلام، أو غير ذلك، حصل به البلوغ، لا نعلم في ذلك اختلافًا؛ لقول الله تعالى: {وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا} [النور:59] انتهى.

ولا فرق بين قليل المني وكثيره في مسألة البلوغ، يقول النووي في المجموع: أجمع العلماء على وجوب الغسل بخروج المني، ولا فرق عندنا بين خروجه بجماع، أو احتلام، أو استمناء، أو نظر، أو بغير سبب؛ سواء خرج بشهوة، أو غيرها، وسواء تلذّذ بخروجه أم لا، وسواء خرج كثيرًا أو يسيرًا، ولو بعض قطرة. انتهى.

وفي الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع للخطيب الشربيني: (و) الخامس (الإنزال) ولو قطرة (عن مباشرة) بنحو لمس، كقبلة بلا حائل؛ لأنه يفطر بالإيلاج بغير إنزال، فبالإنزال مع نوع شهوة أولى. انتهى.

مع أن نبات الشعر الخشن على العانة وحده كاف في الدلالة على البلوغ.

3ـ الاستمناء الحاصل منك في رمضان، يترتّب عليه فساد الصوم, ويجب عليك القضاء, ولا كفارة عليك؛ بناء على القول المفتى به عندنا, وراجع الفتوى رقم: 7828.

وما ذكرته من عدم تعمّد الإنزال، لا اعتبار له, فأنت قد تعمّدت سبب الاستمناء باستدعاء المنيّ, وقد خرج، وهذا موجب لفساد الصوم, قال النووي في المجموع: قد ذكرنا أنه إذا استمنى متعمدًا، بطل صومه، ولا كفارة. انتهى. وفي الموسوعة الفقهية: أما الاستمناء فلا بد فيه من استدعاء المني في يقظة المستمني بوسيلة ما. انتهى.

وقد سبق لنا بيان حرمة الاستمناء، وما فيه من أضرار، وبيان أهم ما يعين على اجتنابه في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 7170، 22083، 45054.

4ـ الحديث الذي أشرتَ إليه يتعلّق بعبد الله بن عمر بن الخطاب -رضي الله عنهما-، وهو في الصحيحين، وغيرهما, وهو من أدلّة القائلين بكون البلوغ يحصل ببلوغ خمس عشرة سنة, قال النووي في صحيح مسلم تعليقًا على هذا الحديث: هذا دليل لتحديد البلوغ بخمس عشرة سنة، وهو مذهب الشافعي، والأوزاعي، وابن وهب، وأحمد، وغيرهم، قالوا: باستكمال خمس عشرة سنة، يصير مكلفًا، وإن لم يحتلم، فتجري عليه الأحكام من وجوب العبادة، وغيره. انتهى.

لكن هذا الحديث لا ينطبق عليك, بل تعتبر بالغًا, وأنت لم تكمّل خمس عشرة سنة؛ إذ ظهرتْ لديك بعض علامات البلوغ الأخرى، مثل خروج المني -كما ذكرتَ-.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني