الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من طلّق بالثلاث أن العرس في الشهر الفلاني ولم يتم العرس في ذلك التاريخ

السؤال

أنا شاب عمري ٢٥ سنة، وخاطب منذ ثلاث سنوات، والخطيبة بنت خالي، وحدثت مشاكل بين أهلي وأهلها، ومنذ ثلاث سنوات وأهلي لا يتكلمون مع أهل خطيبتي، ودائمًا يقولون: أنت تعطيها هدايا، وتفعل لها، وأنا -والله العظيم- آتي لها في السنة بهدية لا تكلف ١٠ دنانير، ولا أعطيها مصروفًا، ولا أفعل لها شيئًا، ومع ذلك فهي متحملة، وقد أحببت هذه البنت منذ كان عمري ١٠ سنوات، ولم أصدّق نفسي من الفرح لما خطبتها، وقد عارض أهلي ذلك، لكني قدرت عليهم وأخذتها، ومنذ خطبتها وأهلي واقفون لي في كل شيء: لماذا تفعل كذا؟ وأنا متحمل وأقول: الآن سأتزوج، وأرتاح، وقد تعبت، والبيت بنيته وحدي، وكنت أقول لأهلي: ساعدوني بشيء، فيقولون: ليس معنا، وأبي بنى بيتًا واجهته من حجر جنب بيتي، وعندما أطلب منه يقول: ليس معي شيء، وأخيرًا جهزت بيتي، وعندما حددت العرس قالوا: أنت غير جاهز، وقد طلقت بالثلاث أن العرس في آخر شهر ٦، ورجعنا فتحنا الموضوع وطلّقت بالثلاث مرة أخرى أنه في شهر ٦، وأختي كان معها العصب السابع، وأهلي يقولون: عندما تتعالج أختك، وقد طلقت، ووصلنا للتاريخ دون أن يتم العرس، فهل من المعقول أن تكون مطلقة، والنية كانت الطلاق؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن كان الذي بينك وبين تلك الفتاة مجرد خطبة، ولم تعقد عليها العقد الشرعي بعد، فطلاقك لغو لا أثر له.

أمّا إذا كنت عقدت عليها العقد الشرعي، ثم حلفت بالطلاق الثلاث، وحنثت في يمينك، فالمفتى به عندنا أنّها قد طلقت منك ثلاثًا، وبانت منك بينونة كبرى، فلا تحل لك إلا إذا تزوجت زوجًا آخر -زواج رغبة لا زواج تحليل- ويدخل بها الزوج الجديد، ثم يطلقها، أو يموت عنها وتنقضي عدتها منه، وهذا قول أكثر أهل العلم، قال ابن قدامة -رحمه الله-: وإن طلق ثلاثًا بكلمة واحدة، وقع الثلاث، وحرمت عليه حتى تنكح زوجًا غيره، ولا فرق بين قبل الدخول وبعده. روي ذلك عن ابن عباس، وأبي هريرة، وابن عمر، وعبد الله بن عمرو، وابن مسعود، وأنس، وهو قول أكثر أهل العلم من التابعين، والأئمة بعدهم. اهـ.

لكنّ بعض العلماء يرى أنّك إذا كنت حلفت هذه اليمين بقصد التأكيد، والتهديد، ونحوه، لا بقصد إيقاع الطلاق، فلا يقع طلاقك بالحنث، ولكن تلزمك كفارة يمين، وإن كنت قصدت إيقاع الطلاق، فلا يقع بحنثك إلا طلقة واحدة، فيجوز لك أن تتزوجها بعقد جديد، وهذا قول ابن تيمية -رحمه الله- وانظر الفتوى رقم: 11592.

وننبه إلى أن الحلف المشروع هو الحلف بالله تعالى، وأما الحلف بالطلاق فهو من أيمان الفساق، وقد يترتب عليه ما لا تحمد عقباه، ولا سيما إذا كان بلفظ الثلاث.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني