الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أثر الأخذ بالأسباب في حصول المراد

السؤال

سؤالي في الأخذ بالأسباب: أنا أعمل جاهداً للأخذ بالأسباب، وأبذل كل طاقتي؛ لأنه عند الأخذ بالأسباب وحسن الظن بالله، فإن الله لن يضيع تعبي. ولكن مرت فترة طويلة وأنا آخذ بالأسباب كثيراً، ولا ألقى ما آمل مع أن أملي بالله كبير، وأن تعبي لن يضيع، ولا مجهودي، وأن الله سيؤتيني من خيري الدنيا والآخرة؛ لأن همي هم دنيوي وأخروي. ولكن كثيراً ما أتعب وأبذل، ولا أجد مقابل ما فعلت، فالآخرون لا يأخذون بالأسباب، ويأخذون ما يتمنون، وقد لا يتمنون الشيء ويوفقهم الله له، وأنا أبذل وسعي ولا أوفق فيما أريد، فهناك أناس لا يأخذون بالأسباب، فلا يدرسون للامتحان الطويل إلا في ليلة الامتحان، ولا ينهونه، ولا يقومون بعمل واجباتهم خلال الفصل، وييسر الله لهم أن يضع لهم الدكتور علامة مرتفعة جداً، وقد يحصلون على علامات أكثر مني، مع أخذي بالأسباب وعدم أخذهم بالأسباب. وهذا على فترة؛ إذ إنني بقيت أقول لنفسي لعل هناك خطأ بدر مني، أو نقصا في دراستي، أو لعل الله وفقها هذه المرة، لكنني بدأت ألحظ أن هذا دائم الحدوث.
أنا أدرك أن هذا أمور دنيوية زائلة، لكن بدأ يقيني بأن مرادي سيحصل ضعيفا، وثقتي بأن الله سيعينني ضعيفة، ليس لأنني أخطأت، وإنما لأنني كثيرا ما حاولت ولم أحصل على مرادي، مع أخذي بالأسباب.
فما نصيحتكم دام فضلكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالأخذ بالأسباب مطلب مهم جدا لحصول المراد، مع ضرورة التوكل على الله تعالى، والعلم بأن هذه الأسباب لا تؤثر بذاتها، وإنما يجعلها الله تعالى مؤثرة، والتوكل على الله والاجتهاد في دعائه والتقرب إليه، من أهم وأعظم الأسباب المحصلة للمطلوب.

وما ذكرته من كون غيرك لا يأخذ بالأسباب ويحصل مراده، وأنت بالعكس، كلام غير صحيح على إطلاقه، فقد يحدث هذا أحيانا لوجود أسباب أخرى كأن يكون ما ذاكره هذا الشخص قليلا صادف مجيئه في الاختبار مثلا، لكن القول بأن هذا يحدث معك دائما بعيد جدا، فإنك لا تطلعين اطلاعا تاما على أحوال زملائك ومدى تحصيلهم. والظاهر أن ما يأخذونه من علامات هو موافق لما وضعوه من إجابات، وما كتبوه في تلك الاختبارات هو حصيلة جهدهم ومذاكرتهم، لكن قد يكون عندك أنت بعض القصور في طريقة المذاكرة والتحصيل، أو في التركيز والانتباه، أو في غير ذلك مما يؤدي إلى نقص درجاتك عن رفقائك.

فنصيحتنا لك هي أن تكوني واقعية في تحليل الأسباب، موضوعية في تعرف الحامل على ما ذكرت، ثم السعي في معالجة ذلك. وأما الهروب من المواجهة بأن توهمي نفسك أن سنة الأسباب تتخلف معك دون غيرك، فليست حلا لمشكلتك فيما نرى.

فننصحك بالتقرب إلى الله تعالى، والاجتهاد في عبادته، والإكثار من دعائه، والتوكل عليه وتعليق القلب به، ثم ارضي بما يقدره ويقضيه، واعلمي أن اختياره لك خير من اختيارك لنفسك، ثم اسعي في التعرف على الأسباب الحقيقية لما ذكرت من التعثر. واسعي كذلك في علاج الخلل وتدارك القصور، وفقك الله لخير الدنيا والآخرة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني