الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم إجراء العقود بآلات الاتصال الحديثة

السؤال

بعت سيارتي إلى صديق؛ نظرًا لتركي المدينة التي كنت أعمل فيها، وذهبت إلى مدينة الرياض، فمكثت بها شهرين، وحدث تغيير في العمل، فذهبت إلى مكة؛ لأداوم بها، فأصبحت في حاجة إلى أن أسترد سيارتي، مع العلم أن عملية البيع تمت عن طريق الهاتف، واتفقنا أن يأخذ السيارة، على أن يقوم بسداد المبلغ في منتصف شهر سبتمبر 9- 2018، وحتى الآن لم يتم سداد المبلغ، ولا نقل الملكية، فهل يجوز لي أن أطلب منه السيارة، حتى ولو بالتراضي بيني وبينه، أم لا يجوز؟ جزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فعقد البيع من العقود اللازمة للطرفين, فإذا وقع صحيحًا، فليس لأحدهما الانفراد بفسخه دون رضى الطرف الآخر، لكن لو تراضيا على الإقالة، فلا حرج في ذلك، بل يستحب للمسلم أن يقيل أخاه؛ لما روى أبو داود، وغيره من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أقال مسلمًا؛ أقاله الله عثرته.

قال في عون المعبود: باب في فضل الإقالة: هي في الشرع: رفع العقد الواقع بين المتعاقدين، وهي مشروعة إجماعًا... ومن أقال مسلمًا -أي: بيعه-، أقاله الله عثرته -أي: غفر زلته، وخطيئته. اهـ.

وفي إنجاح الحاجة شرح سنن ابن ماجه: صورة إقالة البيع: إذا اشترى أحد شيئًا من رجل، ثم ندم على اشترائه، إما لظهور الغبن فيه، أو لزوال حاجته إليه، أو لانعدام الثمن، فردَّ المبيع على البائع، وقبل البائع رده، أزال الله مشقته، وعثرته يوم القيامة؛ لأنه إحسان منه على المشتري؛ لأن البيع قد بت، فلا يستطيع المشتري فسخه. انتهى.

وأما كون البيع قد تم عن طريق الهاتف، فهذا لا يؤثر في صحته، فقد قرر مجمع الفقه الإسلامي تحت عنوان: (حكم إجراء العقود بآلات الاتصال الحديثة): إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره الرابع بجده في المملكة العربية السعودية من 17-23 شعبان1410هـ الموافق 14-20 آذار (مارس) 1990م، بعد اطلاعه على البحوث الواردة إلى المجمع بخصوص موضوع إجراء العقود بآلات الاتصال الحديثة، ونظرًا إلى التطور الكبير الذي حصل في وسائل الاتصال، وجريان العمل بها في إبرام العقود لسرعة إنجاز المعاملات المالية والتصرفات، وباستحضار ما تعرض له الفقهاء بشأن إبرام العقود بالخطاب، وبالكتابة، وبالإشارة، وبالرسول، وما تقرر من أن التعاقد بين الحاضرين يشترط له اتحاد المجلس -عدا الوصية، والإيصاء، والوكالة-، وتطابق الإيجاب والقبول، وعدم صدور ما يدل على إعراض أحد العاقدين عن التعاقد، والموالاة بين الإيجاب والقبول بحسب العرف، قرر ما يلي:

أولًا: إذا تم التعاقد بين غائبين لا يجمعهما مكان واحد، ولا يرى أحدهما الآخر معاينة، ولا يسمع كلامه، وكانت وسيلة الاتصال بينهما الكتابة، أو الرسالة، أو السفارة (الرسول)، وينطبق ذلك على البرق، والتلكس، والفاكس، وشاشات الحاسب الآلي (الحاسوب)؛ ففي هذه الحالة ينعقد العقد عند وصول الإيجاب إلى الموجه إليه وقبوله.

ثانيًا: إذا تم التعاقد بين طرفين في وقت واحد، وهما في مكانين متباعدين، وينطبق هذا على الهاتف، واللاسلكي، فإن التعاقد بينهما يعتبر تعاقدًا بين حاضرين، وتطبق على هذه الحالة الأحكام الأصلية المقررة لدى الفقهاء المشار إليها في الديباجة.

ثالثًا: إذا أصدر العارض بهذه الوسائل، إيجابًا محدد المدة، يكون ملزمًا بالبقاء على إيجابه خلال تلك المدة، وليس له الرجوع عنه.

رابعًا: إن القواعد السابقة لا تشمل النكاح؛ لاشتراط الإشهاد فيه، ولا الصرف؛ لاشتراط التقابض، ولا السلم؛ لاشتراط تعجيل رأس المال. انتهى.

وانظر الفتاوى: 108016، 124360.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني