الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التائبة من الزنا عفيفة

السؤال

أين العدل والمساواة في الدين عند سماح زواج الزانية التائبة من مسلم عفيف لم يلمس امرأة في حياته، وعصم نفسه عن الملذات؟ ألا يستحق أن يتزوج من امرأة عفيفة؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالعدل كله في شرع الله وحكمه، لا يرتاب في ذلك مؤمن يعقل شرع الله، قال تعالى: وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ {المائدة:50}، قال ابن كثير –رحمه الله- : أَيْ: وَمَنْ أَعْدَلُ مِنَ اللَّهِ فِي حُكْمِهِ لِمَنْ عَقل عَنِ اللَّهِ شَرْعَهُ، وَآمَنَ بِهِ وَأَيْقَنَ وَعَلِمَ أَنَّهُ تَعَالَى أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ، وَأَرْحَمُ بِخُلُقِهِ مِنَ الْوَالِدَةِ بِوَلَدِهَا، فَإِنَّهُ تَعَالَى هُوَ الْعَالِمُ بِكُلِّ شَيْءٍ، الْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، الْعَادِلُ فِي كُلِّ شَيْءٍ. اهـ
وجواز زواج الرجل العفيف الذي لم يقع في الزنا من امرأة وقعت في الزنا ثم تابت توبة صحيحة ليس فيه ما يخالف العدل، فالتوبة تمحو ما قبلها، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، فالتائبة من الزنا عفيفة مثل التي لم يسبق لها الوقوع في الزنا، قال ابن قدامة -رحمه الله- في كلامه على نكاح المرأة الزانية: .. وهي قبل التوبة في حكم الزنى، فإذا تابت زال ذلك؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - «التائب من الذنب كمن لا ذنب له» وقوله «التوبة تمحو الحوبة». اهـ
ثم إن الإسلام لم يوجب عليه الزواج منها، وإنما أباح له ذلك، ولم يحجر عليه بمنعه منه، فمن حقه أن يرفض الزواج منها إذا لم تكن له رغبة، ومن ثم فتهمة عدم العدل للإسلام لمجرد إباحة الزواج من تائبة غير واردة أصلا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني