الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم العمل بأحكام الفترة المكية المنسوخة

السؤال

يا فضيلة الشيخ: هل يجوز أن يترك الداعية المسلم أعمالا ظاهرية من الواجب والسنة، كإعفاء اللحية، ولباس السروال القصير، وجمع الصلوات تقديما أو تأخيرا، وقصرها بغير السفر في وقت الدعوة الخفية، بناء على حياة رسول الله في مكة، وعلى تجربة عملية؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فقد تضمن سؤالك عدة أمور يختلف حكمها، ولذا سنفصل الجواب فيها على النحو التالي فنقول: أما إعفاء اللحية أو لبس ما فوق الكعبين من السراويل أو غيرها، فواجب شرعي لا يسوغ لآحاد المسلمين تركه، فكيف يتركه الداعية الذي ينبغي أن تتطابق أفعاله وأقواله، وأن يكون قدوة حسنة لمن يدعوهم، ومتى لم يكن قدوة في نفسه لم يكن لدعوته أثر في الناس، وزل كلامه عن القلوب كما يزل الماء عن الحجر، ولا يرخُص للمسلم في حلق لحيته أو إسبال ثوبه ونحو ذلك من المحرمات مطلقاً، إلا إن كان مكرهاً على ذلك إكراهاً شرعياً يسقط عنه به الإثم، أما في حال السعة والاختيار، فلا يجوز له أن يقدم على فعل هذه المحرمات، وراجع للأهمية الفتوى رقم: 3198. وأما قصر الصلاة في غير السفر فهو محرم بالإجماع، وقد كانت الصلاة فرضت بمكة ركعتين ركعتين، ثم عندما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم زيد فيها حتى صارت على النحو المعروف اليوم، ونسخ الله الحكم السابق الخاص بعددها، فليس لأحدٍ أن يترك العمل بالناسخ ويعمل بالمنسوخ وفاعل ذلك ضال جاهل، مستحق للعقوبة البليغة التي تردعه عن الابتداع وإفساد الدين، فإن من صلى الصلاة قصراً في غير سفر، فهو في الحقيقة تارك للصلاة الرباعية والثلاثية المأمور بها، وهو داخل في الوعيد الذي توعد به تارك الصلاة. وأما جمع الصلوات بغير عذر فهو من الكبائر، كما يروي البيهقي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: الجمع بين الصلاتين من غير عذر من الكبائر. وراجع للأهمية الفتوى رقم: 8171. وأحكام الفترة المكية التي نسخها الله بعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم لا يجوز للمسلم أن يعمل بها، لأنها بعد نسخها لم تعد أحكاماً شرعية، فمن عمل بها وترك العمل بما نسخها كان فيه شبه بمن عمل بدين منسوخ، وأعرض عن دين الإسلام الذي نسخ ما سواه من الأديان، كما أن هذا يفتح الباب لترك كل الأحكام التي شرعت في المرحلة المدنية، ولا شك أن ذلك هدم للإسلام وتغيير لأحكامه، فليحذر المسلم من هذا. والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني