الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

طريق العودة للشعور بلذة الصلاة وحلاوة المناجاة والأنس بالقرآن

السؤال

أنا فتاة، عمري ١٤ سنة تقريباً، هداني الله منذ أشهر معدودة، تركت المعاصي والذنوب، وأقبلت على رب الأرض والسماوات، كنت أعيش حياة خشوع خضوع وتذلل وعبادة، ولكني الآن في حالة غريبة! لم أعد كما كنت قبل الهداية، أي: لم أعد عاقة لوالدي، ولم أعد أرتكب المعاصي الكبيرة، إلا معاصٍ قليلة، أو ما تسمى محقرات الذنوب وأتوب منها على الفور، لم أعد أشعر القرآن، ويؤلمني سماع الناس الذين يتلذذون بالقرآن ويتأثرون وأنا لا يتحرك قلبي.
لم يعد قلبي يُقْبِلُ على الطاعة، لم أعد أشعر بالحب الذي كان في قلبي لله، لم أعد أخاف النار ولا أحب الجنة.
آيات القرآن لا تؤثر في قلبي، أحاول العلاج، ولكني لا أجد!! أشعر وكأني انتكست بعد الهداية، وتقول لي نفسي أو أنه الشيطان غالباً: إني أعيش ضاغطة على نفسي، يعني: كل من في عمري يستمتع ويفعل وأنا لا أفعل شيئاً.
أغلقت على نفسي كل الأبواب، وأحاول إصلاح قلبي، لكنه لم ينفع أي شيء!، مع العلم أني أصلي صلواتي في أوقاتها، ولا زلت مستمرة في حفظ القرآن، أريد أن يصلح قلبي وأعود إلى ما كنت عليه.
أخاف في أي لحظة أن أعود إلى ذنوبي، فقد نقص إيماني كثيراً، وتأتيني وساوس إلهية كثيرة.
أرجو أن ترشدوني، فأنا لا أعلم كيف أتصرف في وضعي هذا.
وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله أن يزيدك حرصاً على الخير ورغبة فيه، ونسأله أن يثبتنا وإياك على الحق حتى نلقاه، ثم اعلمي -أيتها البنت الكريمة- أنك والحال ما ذكر على خير عظيم، فاستمري فيما أنت عليه من الخير، وحافظي على الفرائض، وأكثري من النوافل حتى تصلي إلى درجة أن يحبك الله تعالى، فإن محبة الله للعبد تنال بالاجتهاد في فعل نوافل العبادات؛ كما في الحديث القدسي الذي رواه البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها. فأكثري من نوافل الصلاة والصوم والصدقة إن كان لك ما تتصدقين به، وداومي على الذكر والدعاء وثقي أنك بالمداومة والاستمرار ستبلغين مرادك من نيل محبة الله تعالى والتلذذ بطاعته والأنس بمناجاته والشوق إليه سبحانه وبحمده.

ولا تشغلنك تلك الوساوس أو الأفكار التي يلقيها الشيطان في قلبك، فإنه يريد أن يبعدك بها عن طريق الاستقامة، فراغمي الشيطان واجتهدي في الطاعة ولا تلتفتي إلى تلك الوساوس، واصحبي الصالحات اللاتي تعينك صحبتهن على طاعة الله تعالى، وكلما أذنبت فتوبي.

واعلمي أنك بحمد الله رقيقة القلب تشتاقين قطعاً إلى الجنة، وتخافين من النار، وإلا لما ألقى الشيطان في قلبك هذه الوساوس، وأوهمك بتلك الأوهام.

والخلاصة: أن عليك أن تستمري في الطاعة غير مبالية بما يلقيه الشيطان في قلبك، وأنت إن شاء الله على سواء السبيل، فتسعدين بطاعة الله حين يشقى غيرك من أترابك بالمعصية والمخالفة، واجتهدي في الدعاء؛ فإنه من أعظم الأسلحة التي يستجلب بها العبد الخير، ويتوقى الشر، نسأل الله أن يذيقنا وإياك لذة القرب منه والأنس به.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني