الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من حلف ألا يشاهد برنامجًا معينًا لئلا يغضب والدته فهل يحنث بالمشاهدة؟

السؤال

فيما سبق كنت طالبة، وأمور الدراسة هي كل ما يشغلني، لكن من حين لآخر أحاول أن أريح نفسي وأشاهد بعض البرامج الترفيهية، وهذا في فترات دراستي، ولكن الأمر لم يعجب أمّي، وكانت تصر على ألا أشاهد البرامج إلا أثناء العطلات الأسبوعية، وفي بعض الأحيان عندما أعود من المدرسة كنت أشاهدها لمدة بسيطة أثناء استراحتي، ورغم ذلك كانت أمّي ضد الأمر.
في يوم كنت أشاهد برنامجًا، لكن أمي أعادت الأمر، وجادلتني في الأمر مجددًا، وكانت تصرخ عليّ لئلا أشاهد البرنامج الترفيهي مجددًا، وفي أيام الدراسة، لم أرد أن أغضبها، لذلك حلفت: "والله، لن أشاهد هذا مرة أخرى"، وقصدت ذلك البرنامج، ورغم أن الأمر تافه من أساسه، وأن الحلف على شيء كهذا، لا يجوز، لكنه حلف، فإذا شاهدت هذا البرنامج، فهل أحنث؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإذا حلفت على عدم مشاهدة البرنامج -وفي نيتك عدم مشاهدته مطلقًا-، فإنك تحنثين إذا شاهدت البرنامج في أي وقت، وتلزمك كفارة يمين، وراجعي في بيانها الفتوى: 2053.

لكن إذا نويت مثلًا عدم مشاهدة البرنامج في فترة الدراسة فقط، فإنك لا تحنثين إذا شاهدت البرنامج في أيام العطلات، وكذلك إن لم يكن في نيتك عند الحلف عدم المشاهدة مطلقًا؛ لأن السبب الباعث على اليمين هو غضب الوالدة من مشاهدة البرنامج في فترة الدراسة، فيحمل عليها اليمين إذا لم تكن في نيتك عدم المشاهدة مطلقًا، جاء في الروض المربع: يرجع في الأيمان إلى نية الحالف إذا احتملها اللفظ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «وإنما لكل امرئ ما نوى»، فمن نوى بالسقف أو البناء السماء، أو بالفراش أو البساط الأرض، قدمت على عموم لفظه.

(فإن عدمت النية، رجع إلى سبب اليمين، وما هيجها) لدلالة ذلك على النية، فمن حلف: ليقضين زيدًا حقه غدًا، فقضاه قبله، لم يحنث، إذا اقتضى السبب أنه لا يتجاوز غدًا، وكذا ليأكلن شيئًا، أو ليفعلنه غدًا، وإن حلف لا يبيعه إلا بمائة، لم يحنث، إلا إن باعه بأقل منها، وإن حلف لا يشرب له الماء من عطش، ونيته أو السبب قطع مِنّته، حنث بأكل خبزه، واستعارة دابته، وكل ما فيه مِنة. اهـ. باختصار.

وأما قولك: (ورغم أن الأمر تافه من أساسه، وأن الحلف على شيء كهذا، لا يجوز): فغير صحيح، بل الحلف على مثل هذا جائز غير محرم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني