الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

كنت في حالة غضب شديد، وكنت غير مسيطر على كلامي. وحلفت برحمة أمي أني سأضرب فلانا، ولكن لم أكن أعلم حتى طريقة الحلف الصحيحة برحمة أمي، وهي الحلف برحمة الخالق للمخلوق.
فهل علي كفارة؟ وما هي؟ وأنا الآن أفكر في التراجع عن هذا الحلف.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالحلف بغير الله محرم، ولا تلزم به كفارة، وإنما عليك أن تستغفر الله وتتوب إليه من هذا الحلف، ولا تعود لمثله.

قال ابن قدامة في المغني: ثُمَّ إنْ لَمْ يَكُنْ الْحَلِفُ بِغَيْرِ اللَّهِ مُحَرَّمًا، فَهُوَ مَكْرُوهٌ، فَإِنْ حَلَفَ، فَلْيَسْتَغْفِرْ اللَّهِ تَعَالَى، أَوْ لِيَذْكُرَ اللَّهَ تَعَالَى، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ حَلَفَ بِاللَّاتِ وَالْعُزَّى، فَلْيَقُلْ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ». لِأَنَّ الْحَلِفَ بِغَيْرِ اللَّهِ سَيِّئَةٌ، وَالْحَسَنَةُ تَمْحُو السَّيِّئَةَ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} [هود: 114]. وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إذَا عَمِلْت سَيِّئَةً، فَأَتْبِعْهَا حَسَنَةً تَمْحُهَا». وَلِأَنَّ مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللَّهِ، فَقَدْ عَظَّمَ غَيْرَ اللَّهِ تَعْظِيمًا يُشْبِهُ تَعْظِيمَ الرَّبِّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، وَلِهَذَا سُمِّيَ شِرْكًا؛ لِكَوْنِهِ أَشْرَكَ غَيْرَ اللَّهِ مَعَ اللَّهِ -تَعَالَى- فِي تَعْظِيمِهِ بِالْقَسَمِ بِهِ، فَيَقُولُ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ. تَوْحِيدًا لِلَّهِ - تَعَالَى، وَبَرَاءَةً مِن الشِّرْكِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللَّهِ - تَعَالَى، فَلْيَقُلْ: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ. انتهى.

ثم إن أذيتك لهذا الشخص بضرب أو غيره، لا تجوز بحال، فالواجب عليك التراجع عن هذا العزم، ولا تلزمك كفارة؛ كما ذكرنا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني