الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا يصحّ لمن طلق ثلاثًا أن يزعم بطلان زواجه ليبطل الطلاق

السؤال

تزوجت امرأة دون ولي، بحضور اثنين من الشهود، وكتبت لنا المحامية عقد الزواج العرفي، وزوّجت المرأة نفسها، وكنت أعتقد عدم صحة هذا الزواج، ثم طلّقتها، ثم بعد فترة من الزواج اطلعت على بعض المواقع، فوجدت قولًا لأبي حنيفة بصحة الزواج دون وليّ، فأقنعت نفسي بذلك، وأكملت علاقتي الزوجية معها، ثم بعد ذلك لم أقتنع بقول أبي حنيفة مقارنة بأقوال الشافعية، والمالكية، والحنابلة، فقولهم هو القول الراجح بالأدلة الكثيرة، ثم قلت لها: أنت طالق، ثم عاودت جماعها، ثم قلت لها: أنت طالق، وقلت لها: إن هذا ليس بزواج، ثم قلت: أنت طالق، ثم اتفقت معها على تجديد العقد غير الموثق، حيث قلت لها: إننا سنقوم بتجديده مع وجود الولي، والشاهدين، فهل تقع الثلاث طلقات -كما ذكرت لفضيلتكم؟ وهل يجوز تجديد العقد بوجود الولي، والشهود؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالزواج الشرعي له شروط وأركان، سبق بيانها إجمالًا في الفتوى: 1766.

ولا يجوز أن تكون أحكام الزواج والطلاق عرضة للعبث والتلاعب، فهذا ميثاق غليظ، لا يصحّ أن يلعب به.

ولا يصحّ لمن طلق زوجته ثلاثًا أن يزعم أنّ زواجه كان باطلاً ليبطل الطلاق، ويتمكن من رجعة الزوجة، قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في الفتاوى الكبرى: ...وَذَلِكَ أَنَّ الشَّارِعَ مَنَعَ أَنْ تُتَّخَذَ آيَاتُ اللَّهِ هُزُوًا، وَأَنْ يَتَكَلَّمَ الرَّجُلُ بِآيَاتِ اللَّهِ الَّتِي هِيَ الْعُقُودُ، إلَّا عَلَى وَجْهِ الْجِدِّ، الَّذِي يَقْصِدُ بِهِ مُوجَبَاتِهَا الشَّرْعِيَّةَ؛ وَلِهَذَا يُنْهَى عَنْ الْهَزْلِ بِهَا، وَعَنْ التَّلْجِئَةِ، كَمَا يُنْهَى عَنْ التَّحْلِيلِ، وَقَدْ دَلَّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ: {وَلا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا} [البقرة:231]، وَقَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَلْعَبُونَ بِحُدُودِ اللَّهِ، وَيَسْتَهْزِئُونَ بِآيَاتِهِ، طَلَّقْتُكِ، رَاجَعْتُكِ، طَلَّقْتُكِ، رَاجَعْتُكِ»، فَعُلِمَ أَنَّ اللَّعِبَ بِهَا حَرَامٌ. اهـ.

وقال -رحمه الله-: وَهَؤُلَاءِ الْمُطَلِّقُونَ، لَا يُفَكِّرُونَ فِي فَسَادِ النِّكَاحِ بِفِسْقِ الْوَلِيِّ إلَّا عِنْدَ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ، لَا عِنْدَ الِاسْتِمْتَاعِ، وَالتَّوَارُثِ، يَكُونُونَ فِي وَقْتٍ يُقَلِّدُونَ مَنْ يُفْسِدُهُ، وَفِي وَقْتٍ يُقَلِّدُونَ مَنْ يُصَحِّحُهُ؛ بِحَسَبِ الْغَرَضِ، وَالْهَوَى، وَمِثْلُ هَذَا لَا يَجُوزُ بِاتِّفَاقِ الْأُمَّةِ. اهـ.

والذي ننصحك به: أن تعرض مسألتك على المحكمة الشرعية، أو على من تمكنك مشافهته من أهل العلم الموثوق بدينهم، وعلمهم في بلدك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني