الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ضوابط جواز استخدام البطاقة الائتمانية في بلاد الغرب

السؤال

أنا مقيم في أمريكا منذ ثلاث سنوات، ولديّ حساب في بنك ربوي؛ حيث إنه لا توجد بنوك إسلامية، والحياة دون بطاقة ائتمانية، أو تاريخ ائتماني، صعبة، فمثلًا: حاولت استئجار سيارة من قبل، ولم أقدر؛ لأنه ليس لديّ بطاقة ائتمانية، وعند محاولة استئجار بيت، كان يُطلب مني دفع إيجار شهر كامل على شكل ضمان قبل استئجار البيت؛ لأنه لا يوجد لديّ تاريخ ائتماني، وقس على ذلك، كخدمات الماء، والكهرباء، والإنترنت.
فقررت أن أحصل على بطاقة ائتمانية مؤمنة، بأن أودع 500 دولار في حساب منفصل، ومجمّد، ويصدروا لي بطاقة ائتما، حدّها النهائي 500 دولار، وكنت أستخدمها للتسوق بشكل عام؛ لتحسين التاريخ الائتماني، والاستفادة من النقاط التي تعود من استخدامها؛ ظنًّا مني أنها حلال، ولم أكن أعلم أن عليها فوائد للتأخير، وكنت دائمًا أسدد في أسرع وقت ممكن، وبعد سنة ضاعف البنك قدرة البطاقة من 500 لــ 1000 دولار؛ لأني لم أتأخر أبدًا، وبدأ تاريخي الائتماني يتحسن، فبدأت بمراجعة شروط وبنود البطاقة؛ للتأكد من حكم استخدام البطاقة، فاكتشفت أن البنك يعتبرها من البداية بطاقة ائتمانية عادية، مثلها مثل البطاقات الائتمانية الأخرى؛ رغم أنها مغطاة بحساب آخر مجمّد، وأن عليها فوائد إذا تأخرت بالتسديد، ولم أكن أعلم؛ لأني كنت ملتزمًا بالتسديد دائمًا، وفي أسرع وقت ممكن، ومن النادر جدًّا أن أستخدمها، إذا لم يكن رصيدي كافيًا، فهل يجوز لي الاستمرار في استخدام البطاقة؟ وما حكم النقاط العائدة من استخدام البطاقة؟ وما حكم ما تم الانتفاع به من النقاط السابقة؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فمما لا شك فيه أن الحاجة داعية إلى استخدام البطاقات الائتمانية في المعاملات المختلفة، ولا سيما للمقيمين في بلاد الغرب، ومن ثم؛ فما تدعو إليه الحاجة من ذلك، وتعم به البلوى، لا حرج فيه؛ للقاعدة الشرعية: إذا ضاق الأمر اتسع.

لكن يقتصر على موضع الحاجة، وإذا تم السداد منها؛ لعدم وجود النقود مع حاملها، أو تعذر حملها، أو لكون من يتعامل معه لا يقبل النقد، فلا حرج في ذلك، مع لزوم تسديد الحساب المطلوب قبل نهاية المدة الممنوحة لصاحبها؛ حتى لا تترتب عليه فوائد التأخير، فيدخل في إثم مؤكل الربا؛ جاء في فتوى المجلس الأوربي للإفتاء حول استخدام بطاقة الفيزا: في عدد من البلاد الإسلامية قامت المصارف الإسلامية بإصدار (بطاقة فيزا) شرعية، خالية من الشبهات، بعيدة عن الفوائد واحتمالاتها، كما في (بيت التمويل الكويتي)، و(مصرف قطر الإسلامي)، و(بنك قطر الدولي الإسلامي)، و(شركة الراجحي بالسعودية)، وغيرها من المؤسسات المالية الإسلامية. وهذه لا حرج في استخدامها بعد أن أجازتها هيئات الرقابة الشرعية في تلك البنوك.

ولكن يبقى السؤال عن وضع هذه البطاقات خارج العالم الإسلامي، وفي البلاد التي لا توجد فيها بنوك إسلامية: ما حكم هذه البطاقات؟ والذي عليه الفتوى من أكثر علماء العصر -فيما نعلم- هو: إجازة استخدامها؛ للحاجة الماسة إليها، مع لزوم تسديد الحساب المطلوب قبل نهاية المدة الممنوحة له؛ حتى لا تترتب عليه فوائد التأخير، فيدخل في إثم مؤكل الربا. وهو الذي جرى عليه تعامل عامة المسلمين في بلاد الغرب، من غير نكير عليهم من أحد يعتد به...)

وعليه؛ فاستخدامك للبطاقة الائتمانية في حدود رصيدك بها، لا حرج فيه، وكذلك الانتفاع بالنقاط التي تعطاها عند استخدام البطاقة فيما هو مباح من شراء، ونحوه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني