الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

النكاح أفضل علاج لمن وقعا في حب بعضهما

السؤال

أسعد الله مساءك بالخير يا شيخي.
أنا بنت عمري خمسة عشر عاما. وقعت في حب شاب لا يتجاوز عمره سبعة عشر عاما، وأنا في حيرة من أمري. الشاب يكون ابن خالتي، وقد تحدثت مع خالتي كي تنصحني، وهي أخبرت أمي لنفس الغاية. لقد تحدثا معي، وحاولا كثيرا، لكنني لا أستطيع أن أنساه، أو أن أقف عن التفكير فيه. كلما شغلت نفسي أتذكره، وقد تربيت على الإسلام والأخلاق الحسنة، وليس من الإسلام أن أتحدث معه، أو أن أراسله، لكنني لا أستطيع كتم مشاعري، وأنا أمر في حالة سيئة. لم تستطع خالتي أن تصل إلى حل سوى الانتظار؛ لأنني صغيرة، ولديَّ مستقبل، لكن في لحظات كنت قد تخليت عن مستقبلي فقط إن تقدم لي أو شيئا من هذا. وقد قلت في نفسي: إن أهلي سيختصرون المشاكل، وأهله كذلك؛ لأنني سأظل أشعر بهذه المشاعر التي لا تفارقني ولا لحظة. في بداية الأمر لم أكن أعلم أنه يشعر بنفس الشعور، لكن عندما علمت من ابنت خالتي دون قصد زاد حبي له أكثر، ووقعت بين نارين، ولا أعلم ماذا سأفعل. قال لي أهلي أن أنتظر، وخالتي كذلك، لكن كل يوم يمر أتعذب، ومشاعري تزداد، وحبي يقتلني. إني أخشى الله، ولا أريد أن أفعل شيئا يغضب ربي، ولكن أريد حلا يرضيني، ويحل مشكلتي.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن المرأة إذا أوقع الله عز وجل في قلبها حب رجل أجنبي عنها، فلا مؤاخذة عليها في ذلك؛ لأن الأمور القلبية لا يؤاخذ عليها صاحبها، ما لم يترتب عليها محظور شرعي من قول أو عمل، قال تعالى في دعاء المؤمنين: رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا {البقرة:286}، وثبت في صحيح مسلم أنه تعالى قال: قد فعلت. وفي الحديث الذي رواه ابن ماجه عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه و سلم قال: إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه.

فيجب عليها أن تكون على حذر، وتعف نفسها، وأنت والحمد لله على حذر في هذا الجانب، فجزاك الله خيرا.

والحل للمتحابين هو الزواج، ففي الحديث الذي رواه ابن ماجه عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: لم ير للمتحابين مثل النكاح.

وأنت قد بلغت مبلغ النساء، وبلغ هذا الشاب مبلغ الرجال، فلا ينبغي للأهل الحيلولة بينكما وبين الزواج بدعوى صغر السن، خاصة وأنه فيما يبدو أنكما في مجتمع تكثر فيه الفتن. فيمكنك محاولة إقناعهم وتوسيط بعض الفضلاء لإقناعهم، ولا تنسي أن تكثري من الدعاء. فإن تيسر لك إقناعهم فبها ونعمت، وهو المطلوب.

وإن أصروا على الرفض فننصح بالصبر وامتثال أمرهم، فقد يدركون ما لا تدركين، ومن ذلك ما قد يكون من قوانين تقيد الزواج في مثل هذه السن، فيعرضهم ذلك للحرج والمساءلة القانونية، ولا ينبغي للمسلم أن يوقع نفسه في الحرج.

روى الطبراني وغيره، عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: وإياك وما يعتذر منه. وإن لم يوجد مثل هذا الحرج، فلا بأس بالاستمرار في محاولة إقناعهم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني