الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مذاهب العلماء في شرط حلِّ المطلقة ثلاثا لزوجها الأول

السؤال

سؤالي: هل يشترط الوطء في المذهب المالكي والحنفي لتحليل المرأة لزوجها الأول؟ أم يكتفي بعقد نكاحها مع الخلوة اللازمة دون الوطء؟
لأنني وبعد البحث قد فهمت أن فقط المذهب الشافعي من اشترط الوطء، وغيره لم يشترط. هل هذا صحيح؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن المطلّقة ثلاثا لا تحل لزوجها لزوجها الأول إلا إذا نكحت زوجا آخر, ويحصل جماع, ولا يكفي مجرد العقد مع الخلوة, وهذه المسألة محل إجماع عند أهل العلم. وإليك بعض كلامهم في هذه المسألة.

يقول الخرشي المالكي في شرحه على مختصر خليل: يعني أن المبتوتة وهي المستوفاة طلاقا ثلاثا للحر واثنتين للعبد, مسلمة كانت أو كتابية لا يحل وطؤها لمن طلقها، ولو بالملك حتى تنكح زوجا غيره مسلما بالغا عند الوطء، ويدخل بها ويصيبها بذكره المنتشر في قُبُلها ولو حصل الانتشار بعد الإيلاج، وإن لم ينزل ثم يطلق أو يموت. انتهى

وقال ابن قدامة الحنبلي في المغني أثناء ذكر شروط تحليل المطلقة ثلاثا: الشرط الثالث؛ أن يطأها في الفرج، فلو وطئها دونه أو في الدبر لم يحلها؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - علق الحل على ذوق العسيلة منهما، ولا يحصل إلا بالوطء في الفرج، وأدناه تغييب الحشفة في الفرج؛ لأن أحكام الوطء تتعلق به. انتهى

وقال الزيلعي الحنفي في تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق: وأما الإجماع فإن الأمة أجمعت على أن الدخول بها شرط الحل للأول، ولم يخالف في ذلك إلا سعيد بن المسيب والخوارج والشيعة وداود الظاهري وبشر المريسي، وذلك خلاف لا اختلاف لعدم استناده إلى دليل، ولهذا لو قضى به القاضي لا ينفذ. والشرط الإيلاج دون الإنزال؛ لأنه كمال فيه ونهاية فكان قيدا، ويشترط أن يكون موجبا للغسل وهو التقاء الختانين. انتهى

وقال النووي في المجموع وهو شافعي: إذا طلق الحر امرأته ثلاثا، أو طلق العبد امرأته طلقتين بانت منه وحرم عليه استمتاعها والعقد عليها حتى تنقضي عدتها عنه بتزوج غيره ويصيبها ويطلقها، أو يموت عنها وتنقضي عدتها منه. فقد قال ابن المنذر: أجمع العلماء على اشتراط الجماع لتحل للأول إلا سعيد بن المسيب. ثم ساق بسنده الصحيح عنه ما يدل على ذلك.
قال: ولا نعلم أحدا وافقه عليه إلا طائفة من الخوارج. ولعله لم يبلغه الحديث فأخذ بظاهر القرآن. إلى آخر كلامه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني