الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

هل يجوز لي أن أوافق لولدي على الزواج من فتاة غير محجبة، علما أن عائلتنا قد تربت على الدين والالتزام بالحجاب، لكن ولدي يريد أن يتزوج هذه الفتاة وهي غير محجبة؟
مع الشكر.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد حث الشرع الحكيم على حسن اختيار الزوجة بأن تكون امرأة دينة خيرة، ففي الحديث الذي رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، وجمالها، ولدينها. فاظفر بذات الدين تربت يداك.

قال الشيخ السعدي في بهجة قلوب الأبرار: فاظفر بذات الدين تَرِبَتْ يمينك؛ لما فيها من صلاح الأحوال، والبيت، والأولاد، وسكون قلب الزوج وطمأنينته، فإن حصل مع الدين غيره فذاك، وإلا فالدين أعظم الصفات المقصودة؛ قال تعالى: {فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ، حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللهُ}. اهـ.
فصاحبة الدين أرجى لأن تعرف لزوجها حقه عليها فتؤديه إليه، وأن تقوم برعايته في بيته وولده، فتدوم معها العشرة ونحو ذلك من المقاصد الشرعية من الزواج، ولهذا كانت المرأة الصالحة خير متاع الدنيا، ففي صحيح مسلم عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الدنيا متاع، وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة.

قال الدهلوي في كتابه: (حجة الله البالغة): اعْلَم أَن الارتباط الْوَاقِع بَين الزَّوْجَيْنِ أعظم الارتباطات المنزلية ....، وأكثرها نفعا، وأتمها حَاجَة؛ إِذ السّنة عِنْد طوائف النَّاس عربهم وعجمهم، أَن تعاونه الْمَرْأَة فِي اسْتِيفَاء الارتفاقات، وَأَن تتكفل لَهُ بتهيئة الْمطعم وَالْمشْرَب والملبس، وَأَن تخزن مَاله، وتحضن وَلَده، وَتقوم فِي بَيته مقَامه عِنْد غيبته، إِلَى غير ذَلِك مِمَّا لَا حَاجَة إِلَى شَرحه وَبَيَانه. اهـ.

فإذا تزوج ابنك من هذه الفتاة المتبرجة، واستمرت على عدم الالتزام بالحجاب، فيكون حاله معها على أحد احتمالين:

الأول: أن يقرها على هذا المنكر، فيكون عنده نوع من الدياثة، فيناله الوعيد الوارد في حق الديوث، وهو مبين في الفتوى: 56653.

وإما أن ينكر عليها، فيدخل معها في نزاع وخصام، ويكون في شيء من نكد الحياة معها، وربما كان المصير في نهاية المطاف الطلاق والفراق، فيندم حين لا ينفع الندم.

فوصيتنا لك أن لا تقره على هذا الأمر ولا توافقه عليه، بل انصحه برفق وحاول إقناعه، واستعن عليه ببعض من ترجى أن يسمع لقولهم، فإن اقتنع، فالحمد لله، وإلا فدعه وشأنه. وعلى كل تقدير لو أنك وافقته لم تأثم، ولكن لا ينبغي لك أن تفعل. وكذلك لا يأثم هو بمجرد زواجه منها، ولا ينبغي له أن يفعل، وللفائدة راجع الفتوى: 49031.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني