الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

دفع مبالغ للموظفين لإنجاز المعاملات

السؤال

أعمل براتب في شركة، وأقوم بإنهاء بعض التراخيص -الهندسية، والمساحية، وما أشبه ذلك-، وندفع أتعابًا للموظفين مقابل إنجازها، وإن لم يتقاضوا عنها أموالًا، فلن تُنجز، والشركة تعلم ذلك، وهم موافقون، ويرصدون لها جزءًا من الميزانية، تدفعها الشركة، ثم يتحملها العميل بعد ذلك، بمعرفة منه، دون غش، ولا تدليس، وهو أمر شائع يعرفه الجميع: أن إنهاء الأوراق بمقابل.
فمثلًا: يشتري الزبون سهمًا في أرض، ويوقع -من ضمن البنود- على أنه سيتحمل تكلفة بنسبة ما عند التسليم؛ وذلك مقابل عدة أمور موضحة، منها: إنهاء الأوراق في هذه الحالة لدى حضور مع الموظفين، ويعرفونني جيداً كواحد منهم، فبعضهم يعطيني مبلغًا مما حصل عليه، أو أتقاسم معه المبلغ المطلوب؛ نظرًا لما يستفيده من ورائي (فالطبيعي عنده، وعند غيره من الموظفين، أنه سيأخذ نفس المبالغ، وربما أكثر)، فيقول: إني أولى، وستدفعها الشركة والعميل بعد ذلك حتمًا، سواء قبلت أم رفضت.
مع العلم أنه:
1- يتم إنجاز كثير من الأعمال المعقدة جدًّا، وتستفيد الشركة بتوفير أموال تعود عليها من جراء ذلك.
2-وبتكاليف أقل من الغير (بسببي)، وبدقة، وتنتهي بأفضل مما تريد الشركة والعميل.
3-والشركة والزبائن يعلمون ما يتقاضاه الموظفون.
فهل ما يعطينيه الموظف، أو ما أتقاسمه معه من أموال آخذها لنفسي "حرام"؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن الموظف وكيل عن جهة العمل، فلا يجوز له أن يأخذ أي عمولة مقابل عمله الذي تعاقد مع جهة عمله على القيام به، إلا بعلم جهة العمل وإذنها، فقد سئلت اللجنة الدائمة: وسيط يعمل في شركة، وله راتب ثابت في هذه الشركة، ويعمل وسيطًا بين هذه الشركة التي يعمل بها وشركة أخرى، ويشتري منها بعض الماكينات، ويأخذ عمولة من الشركة التي تبيع الماكينات، مع العلم أنه لا يطلب بنفسه هذه العمولة، ولكن صاحب الشركة هو الذي يعطيها له بدون أن يطلب هذا الوسيط هذه العمولة، فهل تعتبر هذه العمولة شرعية؟

فأجابت: ما دام أن هذا الوسيط له راتب شهري في الشركة التي يعمل فيها، فأخذ عمولة من الشركة الثانية مقابل التعامل معها للشراء لصالح الشركة الموظف فيها، لا يجوز؛ لأنه مظنة لهضم الشركة التي هو موظف فيها من جهة السعر، فلا يناقص فيه، ومن جهة جودة البضاعة التي يشتريها لها. اهـ.

وسئلت اللجنة الدائمة أيضًا: نحن موظفون في جهة حكومية، وهذه الجهة متعاقدة مع شركة في توريد المحروقات، وقد عرضت الشركة علينا بعض الكروت- هدايا- بصفتنا همزة الوصل الرابطة بين الجهتين.

فأجابت: لا يجوز أخذ هذه الهدايا من الشركات التي تتعاملون معها؛ لأنها من باب الرشوة، وهدايا العمال غلول. اهـ.

وبناء على ذلك؛ فلا يجوز لك أن تأخذ شيئًا مقابل عملك، الذي يلزمك القيام به للشركة، وتتقاضى عليه راتبك؛ ما لم تأذن لك الشركة بذلك.

وراجع حول حكم دفع مبالغ للموظفين لإنجاز المعاملات الفتويين: 361039، 355573.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني