الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

رفض البنت للخاطب ليس من العقوق

السؤال

أنا فتاة، عمري 35 سنة، تقدم لخطبتي رجل مطلق مرتين بعمر 52 سنة، على الوصف بأنه رجل متعلم دراسات عليا، ومتدين، وغني وجميع مواصفاته ممتازة، لكنني قمت برفضه لأنني لا أستطع تقبل طريقته بوصف جسد زوجته السابقة بالسوء، وكشفه عن أشياء خاصة بها، وأن هذا هو السبب الذي دعاه للطلاق. مع العلم بأني لم أقم بالسؤال عن سبب طلاقه، وأنا أعتقد بأن الرجل يجب عليه أن يقوم بالستر على زوجته، حتى لو بعد الطلاق، وهو رجل كبير بالسن، ومتعلم، حيث يفترض فيه انتقاء كلماته جيدا. رفضي له سبَّبَ مشاكل مع أمي، وقامت بالغضب عليَّ، ومقاطعتي، ومخاصمتي، وتردد لي دائما بأني سوف أحاسب على رفضه يوم القيامة، يؤلمني جدا خصامها لي.
سؤالي هو: هل سبب رفضي له سبب مقنع حتى لو غضبت مني أمي؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فلست ملزمة شرعا بالقبول بهذا الرجل زوجا، ولو كان على استقامة وخلق حسن، وما جاء في الحديث من الأمر بتزويج الأكفاء ليس للوجوب، نعني الحديث الذي رواه الترمذي وابن ماجه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: إذا أتاكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض.

قال المناوي في فيض القدير: فزوجوه: ندبا مؤكدا. اهـ.

ورغبة أمك في القبول به لا يعني وجوب طاعتك لها في ذلك، قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في الفتاوى الكبرى: وليس للأبوين إلزام الولد بنكاح من لا يريد، فلا يكون عاقا كأكل ما لا يريد. اهـ.

فلا تكونين عاقة لأمك برفضك ذاك الرجل للمبرر الذي ذكرته، ولكن اجتهدي في سبيل استرضائها، ففي رضا الوالدين رضا الرب تبارك وتعالى.

وإن كان هذا الرجل صاحب دين وخلق في الجملة، فاقبلي به زوجا برا بأمك، ولعل الله تعالى يجعل في هذا الزواج البركة بسبب البر. وفارق السن لا يمنع شرعا ولا عادة من الزواج منه. ولو أنك رفضته تماما ربما لن تجدي خاطبا بعده، والأعمار محدودة والآجال معدودة، وقد تفوت المصالح، ولا يمكن تداركها، فيكون الندم حيث لا ينفع الندم.

ولمعرفة حقيقة حاله سلي عنه من يعرفه من ثقات الناس، واستخيري الله -تعالى- في أمر الزواج منه.

وراجعي الفتوى: 19333. وهي عن الاستخارة في النكاح.

ولا شك في أن هذا الرجل قد أخطأ وأساء حين ذكر زوجته السابقة بسوء، وأفشى بعض أسرارها، وهذا مما لا يجوز شرعا، وإن كان في حاجة لبيان سبب فراقه لها، فكان يكفيه أن يقول إنها لا تصلح لي، ونحو ذلك من العبارات المجملة والوافية بالمقصود.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني