الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الأيام النحسات خاصة بقوم عاد دون غيرهم، ولا تتكرر

السؤال

أحد المواقع كان يعرض الطقس بالإسكندرية، وهي فعلا أيام رياح شديدة، محملة بالأتربة، وقال: إنها ستستمر لمدة ثمانية أيام، وهذه الأيام الثمانية وردت في قول الله تعالى في سورة الحاقة: (سخرها عليهم سبع ليالٍ وثمانية أيامٍ حسوما).
وتسمى أيضا رياح برمهات بالحسوم أو برد العجوز.
لما دخلت على التفسير علمت أن المقصود رياح عذاب قوم عاد، ولكن رياح هذه الأيام تأتي باللقاح، وهي خير. فهل موضعها هنا صحيح؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:

فأما الإخبار بما هو متوقع من أن الأيام القادمة ستكون شديدة الرياح، ونحو ذلك، فهذا الإخبار لا حرج فيه، وليس داخلا في ادعاء علم الغيب، كما بيناه في الفتوى: 205165.

وأما القول بأن تلك الأيام القادمة هي التي عناها الله تعالى بقوله: سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا. {الحاقة:7} فهذا من الكذب على الله تعالى، فالأيام المذكورة في الآية المراد بها الأيام التي أهلك الله بها عادا قوم هود -عليه الصلاة والسلام-، فلا يجوز تحميل آيات القرآن الكريم ما لا تحتمل.

وقد ذكر العلامة الطاهر بن عاشور في تفسيره "التحرير والتنوير" أن الأيام الثمانية المذكورة في سورة الحاقة هي الأيام النحسات التي ذكرها الله في سورة "فصلت"، وبين أنها خاصة بقوم عاد، وأنها لا تتكرر كل عام، وردَّ على من خالف ذلك، وقد أحببنا ذكر كلامه كاملا بدون اختصار.

قال -رحمه الله- في تفسير آية 15- 16 من سورة فصلت:

فمعنى وصف الأيام بالنحسات: أنها أيام سوء شديد أصابهم وهو عذاب الريح، وهي ثمانية أيام؛ كما جاء في قوله تعالى: سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما [الحاقة: 7] ، فالمراد: أن تلك الأيام بخصوصها كانت نحسا، وأن نحسها عليهم دون غيرهم من أهل الأرض؛ لأن عادا هم المقصودون بالعذاب.

وليس المراد أن تلك الأيام من كل عام هي أيام نحس على البشر؛ لأن ذلك لا يستقيم لاقتضائه أن تكون جميع الأمم حل بها سوء في تلك الأيام. ووصفت تلك الأيام بأنها نحسات لأنها لم يحدث فيها إلا السوء لهم من إصابة آلام الهشم المحقق إفضاؤه إلى الموت، ومشاهدة الأموات من ذويهم، وموت أنعامهم، واقتلاع نخيلهم.

وقد اخترع أهل القصص تسمية أيام ثمانية نصفها آخر شهر (شباط) ونصفها شهر (آذار) تكثر فيها الرياح غالبا دعوها أيام الحسوم، ثم ركبوا على ذلك أنها الموصوفة بحسوم في قوله تعالى في سورة الحاقة: سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما [7]، فزعموا أنها الأيام الموافقة لأيام الريح التي أصابت عادا، ثم ركبوا على ذلك أنها أيام نحس من كل عام، وكذبوا على بعض السلف مثل ابن عباس أكاذيب في ذلك، وذلك ضغث على إبالة، وتفنن في أوهام الضلالة. التحرير والتنوير (24/260).

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني