الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يجب الصوم على من عجز عن الزواج؟

السؤال

عندي سؤال عن مقصد النبي عليه الصلاة والسلام من قوله: ومن لم يستطع, فعليه بالصوم، فانه له وجاء. فهل هذا يعني أن علي الصوم إلى أن أتزوج؟ وشكرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالمقصود -والله أعلم- أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- أرشد الشباب إلى الزواج إعفافاً لأنفسهم، وحفظاً لفروجهم، وعوناً لهم على غض أبصارهم عن الحرام، وأرشد من عجز عن الزواج إلى الصوم ليدفع عن نفسه غائلة الشهوة.

قال النووي -رحمه الله- في شرح مسلم: واختلف العلماء في المراد بالباءة هنا على قولين يرجعان إلى معنى واحد، أصحهما: أن المراد معناها اللغوي وهو الجماع، فتقديره من استطاع منكم الجماع لقدرته على مؤنه وهي مؤن النكاح فليتزوج، ومن لم يستطع الجماع لعجزه عن مؤنه، فعليه بالصوم ليدفع شهوته، ويقطع شر منيه، كما يقطعه الوجاء. وعلى هذا القول وقع الخطاب مع الشبان الذين هم مظنة شهوة النساء، ولا ينفكون عنها غالبا.

والقول الثاني: أن المراد هنا بالباءة مؤن النكاح سميت باسم ما يلازمها، وتقديره من استطاع منكم مؤن النكاح فليتزوج، ومن لم يستطعها فليصم ليدفع شهوته. ......وأما الوجاء فبكسر الواو وبالمد، وهو رض الخصيتين، والمراد هنا أن الصوم يقطع الشهوة، ويقطع شر المني، كما يفعله الوجاء. انتهى.

والأمر بالصوم في هذا الحديث ليس للوجوب، جاء في شرح صحيح البخاري لابن بطال: واحتج أهل المقالة الأولى بقوله: (ومن لم يستطع فعليه بالصيام)، وإذا كان الصوم الذي هو بدل عن النكاح ليس بواجب فمبدله مثله. انتهى.

وقال القسطلاني في إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري: واستدلّ بالحديث على أن من لم يستطع الجماع، فالمطلوب منه ترك التزويج لأنه أرشده إلى ما ينافيه ويضعف دواعيه، والأمر في قوله: فليتزوج، وفي قوله: فانكحوا وإن كان ظاهرهما الوجوب؛ إلا أن المراد بهما الإباحة. انتهى.

فإن كنت قادراً على الزواج فبادر به، وإن كنت غير قادر عليه، فاستعفف حتى تقدر، وأكثر من الصوم مع حفظ السمع والبصر عن الحرام.

ولمعرفة بعض الأمور التي تفيد في التغلب على الشهوة سوى الصوم راجع الفتوى: 23231.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني