الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

يوجد في مصر الآن قرعة للحج السياحي، ولم يوفق الله أمّي في القرعة، ولكن بعد خروجنا من القرعة، عرضت علينا شركة السياحة ما يسمي بالحج المباشر، فالدولة تخصص حصة من التأشيرات لجهات معينة فيها، ويقوم أفراد هذه الجهة ببيع التأشيرات المخصصة لهم مقابل 70 ألف جنية للتأشيرة فقط، فيصبح سعر الحج من 140 ألفًا إلى 210 آلاف، ويكون الوسيط هو شركات السياحة، ويتم دفع المبلغ الكلي لشركة السياحة، فهل شراء هذه التأشيرات فيها شيء محرم على البائع، أو عليَّ كمشترٍ - من باب أن المشتري يساعد البائع على هذا الفعل-؟ وهل يجوز الحج بهذه الطريقة؟ وهل شراء التأشيرة بهذه الطريقة يؤثر على صحة الحج؟ علمًا أن أمّي حجّت سابقًا سنة 2012م، ولكن لا مانع لدينا من دفع هذه الزيادة في المال.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فمسألة بيع التأشيرات من المسائل الحديثة، وقد عقدت بشأنها ندوات، وصدرت فيها فتاوى، فقد عقدت أمانة موقع الفقه الإسلامي من أجل موضوع بيع التأشيرات، ندوة بعنوان: "المعاوضة على الحقوق، والالتزامات وتطبيقاتها المعاصرة"، واستكتبت عددًا من الفقهاء في هذا الشأن، ثم أتبعت ذلك بعقد حلقة نقاش إلكترونية؛ لإكمال ثغراته، وبيان كامل صوره.

وبناء على ذلك؛ جاء التحذير من الاتجار في التأشيرات، أو بيعها، سواء كانت للعمل أم الحج، وقالوا: لا يجوز الاتجار في التأشيرات، أو بيعها، إلا إذا لم يحتجها بالفعل.

وأضافوا أن من حق صاحب التأشيرة التنازل عنها بالتكلفة نفسها التي بذلها في سبيل الحصول عليها، وينطبق ذلك على بيع تأشيرات الحج؛ فلا يجوز للإنسان أن يأخذ تأشيرة لنفسه وهو لا يريد الحج.

وأضافوا: مَن أخذ تأشيرة حج لنفسه وهو يريد الحج، ثم عدل عن ذلك، فليس له أن يبيعها، ولكن يجوز أن يتنازل عنها بالتكلفة نفسها التي بذلها، أو يردَّها إلى الجهة التي أصدرتها، جاء ذلك في الفتوى التي وقّع عليها مفتو "موقع الفقه الإسلامي"، وهم: د. عبد الله بن محمد الطيار، د. عقيل بن محمد المقطري، د. هاني بن عبد الله الجبير، د. يوسف بن عبد الله الشبيلي، د. خالد بن عبد الله المزيني، د. عبد الرحمن بن أحمد الجرعي، د. سعد الخثلان، الشيخ سليمان بن عبد الله الماجد، د. نايف بن نشمي العجمي. وراجع للفائدة الفتوى: 141297.

وقد تعرض الأستاذ الدكتور/ عبد الله بن محمد الطيار في بحثه: (الضوابط الشرعية في المعاوضة على الحقوق والالتزامات) لمسألة المتاجرة بالتأشيرات، وقال: غالب من تعرض لهذه المسألة يرى التحريم ـ وأبرز القائلين بذلك اللجنة الدائمة، والشيخ ابن باز، والشيخ صالح الفوزان ـ ثم ذكر أدلتهم تفصيلًا، وقال: ويدخل في ذلك بيع تأشيرات الحج، فلا يجوز للإنسان أن يأخذ تأشيرة لنفسه وهو لا يريد الحج، فإن أخذ تأشيرة لنفسه وهو يريد الحج، ثم عدل عن ذلك، فليس له أن يبيعها إلا بنفس التكلفة التي بذلها في سبيل الحصول عليها.

ومعنى ذلك: أنه لا يجوز أن تتخذ تأشيرات الحج تجارة يستغلّ بها ضعفاء المسلمين، والحريصين على الحج، بل ينبغي للمسلم أن يكون معينًا على الخير، وأن يساعد إخوانه المسلمين لا أن يستغلهم. اهـ.

وأمّا حكم شراء هذه التأشيرات لمن يحتاجها للحج، سواء كان فرضًا أم تطوعًا؛ فالظاهر لنا - والله أعلم - جوازه، ويكون الإثم على البائع، وانظر الفتوى: 114929.

وعليه؛ فلا نرى مانعًا من شراء هذه التأشيرة، ولا نرى أثرًا لذلك على صحة الحج أو قبوله.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني