الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مسائل في إعطاء الأخ المدين من الزكاة وتسديد ديونه منها

السؤال

أخي مدين لأربعة أشخاص -أنا وأمي وصديقين له-، وكل هذه الديون غير مؤقتة بزمن للسداد، فكلنا قلنا له: إذا تيسر حالك، فسدد الدين، وأخي يعيش مستقلًّا، ولكنه كثير الإنفاق، ولا يحسن تدبير أموره، فراتبه قد يكفيه إذا أحسن التدبير، وهو أيضًا مقبل على الزواج، ودينه لي كان في دراسة، ولأمّي في شراء ماكينة لصنع القهوة، ودينه لصديقه الأول كان نفقات شخصية -كالأكل، والشرب، وغير ذلك-، ودينه لصديقه الثاني كان في شراكه لعمل مشروع، وفشل قبل بدايته، وخرج أخي مدينًا للشركاء، فسدد دينه صديقه، وقد حان وقت زكاة مالي، وزكاة مال أمي، فهل يجوز سداد الديون من الزكاة؟ وهل يجوز أن أسدد دينه لأمي، وهي تسدد دينه لي أم يعتبر هذا من التلاعب؟ وإذا طلب أحد صديقيه تأخير السداد شهرًا أو شهرين؛ لأنه سيحتاج المال بعد هذه المدة وليس الآن، فهل أكون آثمًا بتأخير الزكاة؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن الغارم من مصارف الزكاة، كما قال تعالى: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ {التوبة:60}.

وعليه؛ فيجوز لك أنت, ولأمك إعطاء أخيك من الزكاة ما يقضي به دينه.

أمّا احتساب الدين الذي عليه من الزكاة من غير تمليكه المال، فلا يجوز، وراجع الفتوى: 353179.

وتسديدك لدين أمك على أخيك, وتسديدها لدينك عليه، على أن هذا من باب الزكاة عنكما:

فإن كان ذلك عن قصد ومواطأة, فإنه لا يجزئ, ولو بإذن المدين؛ لأن كلًّا منكما قد قصد استرجاع ماله، ونفع نفسه.

وإن كان هذا الأمر بغير قصد, وغير مواطأة:

فإن كان بإذن المدين (أخيك)، فهو مجزئ.

وإن لم يكن بغير إذنه, فقد اختلف أهل العلم هل تجزئ الزكاة في هذه الحالة أم لا؟ وراجع الفتوى: 43511.

وإذا دفعت زكاتك لأخيك الغارم, فقام بتأخير سداد الدين مدة معينة, فإنك لا تعد مؤخرًا للزكاة.

أمّا إذا كنت لا تدفع الزكاة لأخيك، ولكن تحتفظ بها؛ لتؤدي عنه دينه عند مطالبة الغريم بعد شهر أو شهرين، فهذا غير جائز؛ لما فيه من تأخير إخراج الزكاة بغير عذر، وراجع الفتوى: 315892.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني