الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

نكاح مجهولة النسب... رؤية شرعية

السؤال

ورد في نص الفتوى: 19582 أنه لا حرج من الزواج بمجهولة النسب، كيف يكون وهذا ونحن لا نعلم لها أًبا ولا أمًا ؟ فإن كانت من محارم من طلبها للزواج، فماذا سيكون ردّك عندما تسأل أمام الله أنك أبحت هذا الزواج ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنشكرك على دخولك على موقعنا، ونسأل الله أن ينفعك بما تقرأ فيه. ولا إشكال عندنا في أن يستدرك علينا أحد في فتوى من فتاوانا، ولا نستنكف أن نصوب أي خطأ يثبت لدينا.

وحسبنا أننا نبذل وسعنا في البحث في الأدلة الشرعية، وما يذكره أهل العلم في المسائل المطروحة علينا. والذي اطلعنا عليه من كلامهم هنا أنه يستحب أن يتزوج المسلم من الفتاة ذات النسب، وأنه يكره الزواج من بنت الزنا ونحوها؛ كاللقيطة مجهولة النسب، وهذا يعني أنه يجوز الزواج منها؛ إلا أن الأفضل البحث عن نسيبة، وهذا ما ذكرناه في فتاوانا.

جاء في الغرر البهية في شرح البهجة الوردية لزكريا الأنصاري الشافعي: ويندب لمريد النكاح أن ينكح الولود....(ذات النسب) لخبر «تخيروا لنطفكم» رواه الحاكم وصححه. بل يكره نكاح بنت الزنا وبنت الفاسق، قال الأذرعي: ويشبه أن يلحق بهما اللقيطة، ومن لا يعرف أبوها. اهـ.

ولا نعلم قائلاً بتحريم الزواج من مجهولة النسب للسبب الذي ذكرته، والأصل إباحة النساء إلا ما ورد في الشرع تحريمه بالنسب أو المصاهرة أو الرضاع، لقوله تعالى بعد ذكر المحرمات: .. وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ .. [النساء: 24]

وإنما يسوغ مثل هذا الكلام إذا حدث اشتباه حقيقي بين محرمة عليه وعدد محصور من النساء، فحينئذ يمنع من الزواج منهن، أمّا إذا كانت في بلد كبير فلا يحرم عليه الزواج من نساء هذا البلد.

قال الغزالي -رحمه الله- في المستصفى : وكذلك لو اشتبهت أخته بنساء بلدة حل له النكاح، ولو اشتبهت بعشرة وعشرين لم يحل. انتهى.

وقال السبكي -رحمه الله- في كتاب الأشباه والنظائر: فإذا تقابل في المرأة حل وحرمة غلبت الحرمة. ولهذا امتنع الاجتهاد فيما إذا اختلطت محرم بنسوة قرية كبيرة فإنه ليس أصلهن الإباحة حتى يتأيد الاجتهاد باستصحابه، ولهذا كانت موانع النكاح تمنع في الابتداء والدوام لتأيدها واعتضادها بهذا الأصل. نعم لو اختلطت محرمة بنسوة غير محصورات فإن له نكاح ما شاء منهن كي لا تتعطل مصلحة النكاح، وقد قال الخطابي: ولا يكره لأنها رخصة من الله تعالى. اهـ.

وعليه؛ فلا إشكال في جواز نكاح مجهولة النسب.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني