الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

بالصبر والتفاهم والتعاون تستقر الأسرة

السؤال

أنا تونسية، مقيمة بفرنسا، متزوجة منذ سبع سنوات، وعندي ولد عمره ثلاث سنوات. في أول الزواج كنت بحمد الله اقوم بكل شيء في البيت، مع الاعتناء بطفلي، وبكل ما يدخل السرور على قلب زوجي. منذ سنتين صرت ألاحظ أن زوجي ما يشارك في أيّ شيء في شغل البيت، أو في تربية طفله، لا يخصص وقتا لا لي ولا لابنه، والذي آلمني أكثر أنه لما أكون مريضة لا يساعدني إلا عند الطلب وبتذمر، ودائما عصبي. تحدثت معه أكثر من مرة، وفي مرات يقول: أنت على حق ويساعدني يومين، ثم يعود لما كان عليه، ومرات يغضب، ويهجرني، ويقول أنا تعبت. المشكلة أني لم أعد كما قبل يعني لا يهمني بأيّ مظهر أستقبله، لم أعد أراعي شعوره، ولا أبحث عن راحته، وفي بعض الأحيان أحس أني لم أعد أحبه(خاصة عندما أرى الآباء يهتمون لأبنائهم، ويساعدون زوجاتهم، طبعا منهم مسلمون ومنهم غير مسلمين).
سؤالي: هل شعوري أنه مقصر معي نابع من تقليد للغرب، وهو ما يخيفني؟ أم أني على حق؟ حياتنا لم تعد سعيدة، وكثرت المشاكل حتى أصبحت أهمل بيتي وطفلي ونفسي. انصحوني. مع العلم أن زوجي يصلي -والحمد لله- وأنا كذلك.
وجزاكم الله خيرا

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا يلزم من شعورك بكون زوجك مقصرا معك أن يكون تقليدا للغرب، ولا يمكننا أن نقول بإجمال أنك محقة أو غير محقة، ولكن نقول إن الراجح من أقوال أهل العلم أنه يجب على الزوجة خدمة زوجها بما جرت به العادة من أعمال البيت، وما يسميه الفقهاء بالخدمة الباطنة، كما أنه يجب على الزوج السعي لتحصيل نفقتها ونحوها من الخدمة الظاهرة، وراجعي الفتوى: 119096.

ومما ذكره أهل العلم أن المرأة إن كانت ممن يخدم مثلها، أو كانت مريضة وجب على زوجها أن يوفر لها خادما، قال ابن قدامة في المغني: فإن كانت المرأة ممن لا تخدم نفسها لكونها من ذوي الأقدار أو مريضة وجب لها خادم. اهـ.

ثم إن الزوج مأمور بأن يحسن عشرة زوجته، كما أنها مأمورة بحسن عشرته، قال تعالى: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ {النساء:19}، قوال سبحانه: وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ {البقرة:228}.

وإن من كريم خصال الزوج، وحسن معشره أن يعين زوجته، وأن يعمل على إدخال السرور عليها، وهكذا كان هدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مع نسائه، روى البخاري عن الأسود قال: سألت عائشة رضي الله عنها: ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصنع في بيته؟ قالت: كان يكون في مهنة أهله تعني خدمة أهله، فإذا حضرت الصلاة خرج إلى الصلاة. وتجدين المزيد في الفتوى: 134877.

ورعاية الولد، وتربيته، وحسن توجيهه حق على الزوجين معا، فينبغي التعاون بينهما في ذلك؛ ليقطفا ثمرتها، فيكون قرة عين لهما في الدنيا والآخرة، فمن دعاء عباد الرحمن ما حكاه الله عنهم في القرآن في قوله تبارك وتعالى: وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا {الفرقان:74}، نقل ابن كثير في تفسيره عن الحسن البصري أنه سئل عن هذه الآية فقال: أن يُري الله العبد المسلم من زوجته، ومن أخيه، ومن حميمه طاعة الله. لا والله ما شيء أقر لعين المسلم من أن يرى ولدا، أو ولد ولد، أو أخا، أو حميما مطيعا لله عز وجل. وانظري للمزيد الفتوى: 307507.

فالذي نرشد إليه أن يصبر كل منكما على الآخر، وأن يكون بينكما تفاهم بروية وبعيدا عن العصبية في ضوء ما ذكرنا من أحكام وآداب وتوجيهات لتحقق السعادة في الأسرة، ويكون الأمان والاستقرار، كما أراد المولى عز وجل حيث قال: وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ {الروم:21}.

وفق الله الجميع لما يحب ويرضى، ونسأله تعالى لنا ولكم السلامة والعافية من كل بلاء.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني