الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم من حلف لا يفعل شيئا فوكل من يفعله

السؤال

لقد حلفت أني لن أقوم بتحميل أي لعبة الكترونية، وأن أستغل أوقات الفراغ فيما يفيد، ومع الوقت بدأت أشعر بالملل، لأني بحاجة إلى الترويح عن النفس بجانب العبادات والأذكار وقراءة القرآن الكريم، وفي نفس الوقت لا أريد أن أقوم بتحميلها فاحنث في يميني، فهل يجوز أن أجعل أختي تقوم بتحميل اللعبة الإلكترونية على جوالي بدلًا مني، وبالتالي لا أحنث.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة، والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه أما بعد:

فتحميلك هذه اللعبة جائز لا حرج فيه ما لم تشتمل على محظور شرعي، ولا تأثم بالحنث، وإنما تلزمك الكفارة، ولا تسقط عنك الكفارة لو وكلت أختك في تحميلها على جوالك؛ لأن مقصودك كان الامتناع من اللعب بها ووضعها على الجوال.

قال البهوتي في شرح الإقناع: (و) من حلف (لا يفعل شيئا فوكل من يفعله ففعله) الوكيل (حنث) الحالف (إلا أن ينوي) المباشرة بنفسه؛ لأن فعل وكيله كفعله، نص عليه، ولأن الفعل يضاف إلى الموكل فيه والأمر به، كما لو حلف لا يحلق رأسه، فأمر من حلقه. انتهى.

وفي إعلام الموقعين للإمام ابن القيم ما عبارته: وَمِن الْحِيَلِ الْبَاطِلَةِ مَا لَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يَفْعَلُ شَيْئًا، وَمِثْلُهُ لَا يَفْعَلُهُ بِنَفْسِهِ أَصْلًا، كَمَا لَوْ حَلَفَ السُّلْطَانُ أَنْ لَا يَبِيعَ كَذَا، وَلَا يَحْرُثَ هَذِهِ الْأَرْضَ وَلَا يَزْرَعُهَا، وَلَا يَخْرُجُ هَذَا مِنْ بَلَدِهِ، وَنَحْوَ ذَلِكَ، فَالْحِيلَةُ أَنْ يَأْمُرَ غَيْرَهُ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ، وَيَبَرَّ فِي يَمِينِهِ، إذَا لَمْ يَفْعَلْهُ بِنَفْسِهِ، وَهَذَا مِنْ أَبْرَدِ الْحِيَلِ وَأَسْمَجِهَا وَأَقْبَحِهَا، وَفِعْلُ ذَلِكَ هُوَ الْحِنْثُ الَّذِي حَلَفَ عَلَيْهِ بِعَيْنِهِ، وَلَا يُشَكُّ فِي أَنَّهُ حَانِثٌ، وَلَا أَحَدٌ مِنْ الْعُقَلَاءِ، وَقَدْ عَلِمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالْحَفَظَةُ - بَلْ وَالْحَالِفُ نَفْسُهُ - أَنَّهُ إنَّمَا حَلَفَ عَلَى نَفْيِ الْأَمْرِ وَالتَّمْكِينِ مِنْ ذَلِكَ، لَا عَلَى مُبَاشَرَتِهِ، وَالْحِيَلُ إذَا أَفَضْت إلَى مِثْلِ هَذَا سَمُجَتْ غَايَةَ السماجة. انتهى.

وبه يتبين أنه لا حرج عليك في تحميل تلك اللعبة، وأن الكفارة تلزمك بكل حال، سواء حملتها بنفسك أو وكلت من حملها. والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني