الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

جمع الصلوات في السفر وغيره

السؤال

أريد معرفة عدد ركعات الجمع بين الظهر والعصر، وبين والمغرب والعشاء، في السفر والحضر، بأدلة من الكتاب أو السنة.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن القصر والجمع بين الصلاتين المشتركتين في الوقت جائز في السفر إذا بدأ المرء في السفر بالفعل، وغادر العمران من البلد الذي يسافر منه، قال الله تعالى: وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ {النساء:101}. والضرب في الأرض هو: السير فيها.

فيجوز للمسافر أن يجمع بين الصلاتين جمع تقديم أو تأخير حسب الوقت المناسب لذلك، وله أن يصلي كل صلاة في وقتها، وكلما جاز القصر جاز الجمع، إلا أن القصر هو الأفضل في السفر؛ لأنه سنة واظب عليها النبي -صلى الله عليه وسلم- في سائر أسفاره، بخلاف الجمع بين الصلاتين فهو جائز.

فإذا أرد المسافر أن يقصر الصلاة وهو الأفضل، فإنه إذا جمع بين الصلاتين صلاهما ركعتين ركعتين في الظهر والعصر، وثلاثا وركعتين في المغرب والعشاء. فتصلى المغرب في السفر ثلاثا، فلا تقصر أبداً لا في سفر ولا في حضر‘ فتصلى ثلاثا بتشهدين كالمعتاد، والعشاء تصلى ركعتين كما ذكرنا.

وذهب إلى مشروعية الجمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء في السفر الشافعية، والمالكية، والحنابلة، لثبوت ذلك عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في أحاديث منها: ما رواه مسلم عن معاذ رضي الله عنه قال: خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك فكان يصلي الظهر والعصر، جميعاً، والمغرب والعشاء جميعاً.

وأما الجمع بين الصلاتين في الحضر لغير عذر المطر، فقد ذهب أكثر أهل العلم إلى عدم جوازه إلا في المطر، وذهب بعض العلماء إلى جواز الجمع في الحضر للمشقة. ولتفصيل ما جاء من خلاف بين أهل العلم في هذه المسألة انظر الفتوى: 259147.

وممن أجاز الجمع في الحضر للمشقة فقهاء الحنابلة، فقد ذهبوا إلى جواز الجمع بين الظهر والعصر، أو بين المغرب والعشاء في الحضر لدفع الحرج والعذر.

جاء في كشاف القناع وهو يعدد أعذار الجمع: والحالة السابعة والثامنة لمن له شغل أو عذر يبيح ترك الجمعة والجماعة كخوف على نفسه أو حرمته أو ماله، أو تضرر في معيشة يحتاجها بترك الجمع ونحوه. انتهى.

وجاء في الإنصاف 2/338: واختار الشيخ تقي الدين جواز الجمع للطباخ والخباز ونحوهما ممن يخشى فساد ماله ومال غيره بترك الجمع. انتهى .

واستدل بعضهم بما ورد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- جمع في غير سفر ولا مطر، فسئل ابن عباس فقيل له ما أراد بذلك؟ فقال: أراد ألا يحرج أمته. وروى الشيخان عن ابن عباس أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى بالمدينة سبعا وثمانيا... الظهر والعصر والمغرب والعشاء .

وإذا جمع في الحضر فإنه يصليهما تامة بدون قصر، فإذا جمع بين الظهر والعصر صلاهما تامتين أربعا أربعا، وكذا في المغرب والعشاء صلاهما ثلاثا وأربعا، ولا يجوز لمن كان في الحضر، وإن جاز له جمع الصلاة لعذر أن يقصر الصلاة؛ لأن القصر لايشرع إلا في السفر، كما قال الله تعالى يقول: وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ الصَّلاَةِ {النساء:101} فجعل جواز القصر مشروطا بالضرب في الأرض، الذي هو السير فيها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني