الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا أحد غير الله تعالى يقول للشيء كن فيكون

السؤال

هل يمكن للجن أو الملائكة أن يفعلوا شيئا دون أن يتخذوا الأسباب؛ كتحريك شيء دون لمسه، بل بمجرد العزم على تحريكه؟ و هل هذه من خصائص الله فقط أي أن الله هو فقط من يمكنه أن يقول للشيء كن فيكون أي بمجرد أن يريد شيئًا فإنه يحصل بقدرته سبحانه وتعالى؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فليس في قدرة أحد بعد الله تعالى أن يقول للشيء: كن، فيكون. ولا قوة ولا حيلة لأحد من الخلق كلهم على فعل شيء ولا دفعه، إلا إذا قواه الله وأعانه، ومَكَّنه وأقدره، ومن الأذكار المشهورة التي تعبر عن هذا المعنى: (لا حول ولا قوة إلا بالله) وراجع في معناه الفتوى: 36679.

والملائكة والجن إنما يقدرون على ما جعله الله تعالى في قدرتهم، ليس إلا، ونحن لا نعلم من تفاصيل ذلك إلا ما جاء في الوحي المعصوم، وفي الجملة لا ريب في أن لهم قدرة كبيرة على أعمال يعجز عنها الإنسان، وأعمال أخرى شاقة لا يكاد يقدر عليها البشر إلا بشق الأنفس، كما يتميزون بالسرعة الهائلة مقارنة بالبشر، وحسبنا ما جاء في القرآن في وصف جبريل – عليه السلام – كما في قوله تعالى: إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ* ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ* مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ {التكوير: 19 - 21}

قال ابن كثير: أي: شديد الخلق، شديد البطش والفعل، {عند ذي العرش مكين} أي: له مكانة عند الله عز وجل ومنزلة رفيعة ... {مطاع ثم} أي: له وجاهة، وهو مسموع القول مطاع في الملأ الأعلى. اهـ.

وقوله سبحانه: عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى. ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى [النجم: 4 - 6] قال ابن كثير: {ذو مرة} أي: ذو قوة. قاله مجاهد، والحسن، وابن زيد. وقال ابن عباس: ذو منظر حسن. وقال قتادة: ذو خلق طويل حسن. ولا منافاة بين القولين؛ فإنه، عليه السلام، ذو منظر حسن، وقوة شديدة. اهـ.

وحسبنا في وصف قوة الجن ما جاء في القرآن عن أعمال الجن لنبي الله سليمان عليه السلام. قال تعالى: يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ {سبأ: 12، 13}، وقال سبحانه: وَمِنَ الشَّيَاطِينِ مَنْ يَغُوصُونَ لَهُ وَيَعْمَلُونَ عَمَلًا دُونَ ذَلِكَ وَكُنَّا لَهُمْ حَافِظِينَ {الأنبياء: 82}، وقال تعالى في شأن عرش بلقيس: قَالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ. قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ {النمل: 39، 40}.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني